وهذا أبو عبيدة كان موصوفاً بالصلاح والأمانة والرفق ويقود سرايا المسلمين إذا به يتولى القيادة العظمى للمسلمين ويطرد هرقل من ربوع الشام ومروجها الخضراء ويلقي عليها الوداع ويقول: سلام على سورية سلاماً لا لقاء بعده.
وهذا عمرو بن العاص كان يُعد من عقلاء قريش وترسله في سفارتها إلى الحبشة تسترد المهاجرين المسلمين فيرجع خائباً إذا به يفتح مصر وتصير له صولة عظيمة.
وهذا سعد بن أبي وقاص لم نسمع به في التاريخ العربي قبل الإسلام كقائد جيش ورئيس كتيبة، إذا به يتقلد مفاتيح المدائن، وينيط باسمه فتح العراق وإيران.
وهذا سلمان الفارسي كان ابن موبذان في إحدى قرى فارس لم يزل يتنقل من رق إلى رق ومن قسوة إلى قسوة إذا به يطلع على أمته كحاكم لعاصمة الإمبراطورية الفارسية التي كان بالأمس أحد رعاياها، وأعجب من ذلك أن هذه الوظيفة لا تغير من زهادته وتقشفه فيراه الناس يسكن في كوخ ويحمل على رأسه الأثقال.
وهذا بلال الحبشي يبلغ من فضله وصلاحه مبلغاً يلقبه فيه أمير المؤمنين عمر بالسيد.
وهذا سالم مولى أبي حذيفة يرى فيه عمر موضعاً للخلافة يقول: لو كان حياً لاستخلفته.
وهذا زيد بن حارثة يقود جيش المسلمين إلى مؤتة وفيه مثل جعفر بن أبي طالب وخالد بن الوليد، ويقود ابنه أسامة جيشاً فيه مثل أبي بكر وعمر.
وهذا أبو ذر والمقداد وأبو الدرداء وعمار بن ياسر ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب، تهب عليهم نفحة من نفحات الإسلام فيصبحون من الزُّهاد المعدودين والعلماء الراسخين.
وهذا علي بن أبي طالب وعائشة وعبد الله بن مسعود وزيد بن ثابت وعبد الله بن عباس قد أصبحوا في أحضان النبي الأمي صلى الله عليه وسلم من علماء العالم يتفجر العلم من جوانبهم وتنطق الحكمة على لسانهم، أبّر الناس قلوباً وأعمقهم علماً وأقلهم تكلفاً، يتكلمون فينصت الزمن ويخطبون فيسجل قلم التاريخ.