الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً} . وثانياً- من حيث إنه إنسان أسلم لأمر الله وانقاد لحكمه فاستخلفه في الأرض واسترعاه أهلها {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً} . ومنحهم حق التمتع بخيرات الأرض من غير إسراف وتبذير {خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً} ، {وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}{قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ} ، وجعل لهم الولاية على أمم الأرض وجماعات البشر يراقبون سيرها وسيرتها وأخلاقها ورغباتها، فيرشدون الضال ويردون الغاوي ويصلحون الفاسد ويقيمون الأود، ويرأبون الصدع ويأخذون للضعيف من القوي، وينتصفون للمظلوم من الظالم، ويقومون في الأرض القسط ويبسطون على العالم جناح الأمن {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ} ، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ} .
وقد وصف عالم ألماني مسلم وصفاً دقيقاً، قال:
((إن الإسلام لا ينظر- كالنصرانية - إلى العالم بمنظار أسود، بل هو يعلمنا أن لا نسرف في تقدير الحياة الأرضية، وأن لا نغالي في قيمتها مغالاة الحضارة الغربية الحاضرة. إن المسحية تذم الحياة الأرضية وتكرهها، والغرب الحاضر-خلاف الروح النصراني - يهتم بالحياة كما يهتم النهم بطعامه، هو يبتلعه ولكن ليس عنده كرامة له، والإسلام بالعكس ينظر إلى الحياة بسكينه واحترام، هو لا يبعد الحياة بل يعدها كمرحلة نجتازها في طريقنا إلى حياة عليا، وبما أنها مرحلة ومرحلة لابد منها ليس للإنسان أن يحتقرها أو يقلل من قيمة حياته الأرضية. إن مرورنا بهذا العالم في سفر الحياة لابد منه، وقد سبق به تقدير الله، فالحياة الإنسانية لها قيمتها الكبرى، ولكن لا ينبغي لنا أن ننسى أنها ليست إلا واسطة وآلة وليست قيمتها إلا
قيمة الوسائط والآلات، الإسلام لا يسمح بالنظرية المادية القائلة ((إن مملكتي ليست