"الثامنة عشرة: الخوف من الاتكال على سعة رحمة الله": ولذا قال: ((لا تبشرهم فيتكلوا))، ومن هذا نعلم أن النصوص -نصوص الكتاب والسنة- إنما هي علاج لأدواء سواءً كانت في الأفراد أو في المجتمعات، فبعض الناس يحسن أن يلقى إليه بعض النصوص، ولا تلقى إليه نصوص أخرى، يعني وجدنا شخصاً شقَّ على نفسه وقام الليل فلم ينم، وصام النهار فلم يفطر، وارتكب العزائم في جميع الأمور بحيث شقت عليه هذه الأمور، مثل هذا تناسبه نصوص الوعد، وتحجب عنه نصوص الوعيد؛ لئلا يزيد.
والعكس إذا وجدنا شخصاً مفرطاً مضيعاً للأوامر والنواهي هذا تناسبه نصوص الوعيد؛ إذا ألقينا عليه من نصوص الوعد:{وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} [(١٥٦) سورة الأعراف]، هذا يمكن إن كان عنده شيء يسير يتركه.
فعلى كل حال يخاف من الاتكال على سعة رحمة الله بالنسبة لمن يخشى منه التفريط، وأيضاً يخشى القنوط واليأس من رحمة الله، هذا بالنسبة لمن عنده شيء من التشديد، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لكن الآن استقرت الشريعة وعرفت النصوص كلها، وكلها بين يدي المسلم، وهذه وظيفة أهل العلم، يعني إذا ذكروا مثل هذا الحديث يبينون ما يقيِّده، يبينون ما يقيده من نصوص أخرى.
"التاسعة عشرة: قول المسؤول عما لا يعلم: الله ورسوله أعلم": ومضى الحديث فيه، وأنه بالنسبة لما لم يطلعه الله -جل وعلا- نبيَّه عليه من الغيبيات أو من أمور الدنيا فالله يستقل بعلمها.
وفي حياته -عليه الصلاة والسلام- أمور الدين توكل إلى الله ورسوله كما قال معاذ:"الله ورسوله أعلم"، وبعد وفاته يقتصر على قول: الله أعلم، وإن قيل: الله ورسوله أعلم باعتبار أن أمور الدين كلها إنما هي من طريقه -عليه الصلاة والسلام- فهو أعلم بها -في الأصل- أما الآن فقد مات -عليه الصلاة والسلام-.
الرسول -عليه الصلاة والسلام- الآن قد مات {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ} [(٣٠) سورة الزمر]، يعني لو نزلت نازلة مثلاً، نزلت نازلة فسئل عنها عالم، هل يقول: الله ورسوله أعلم، وليس لها نظير في وقته -عليه الصلاة والسلام-؟