والذي وقع لي أنه قصده -والله أعلم-، أن الحديث اشتمل على أن من هاجر إلى الله وحده، والنبي -صلى الله عليه وسلم- كان مقدمة النبوة في حقه هجرته إلى الله، وإلى الخلوة بمناجاته، والتقرب إليه بعباداته في غار حراء، فلما ألهمه الله صدق الهجرة إليه، فلما ألهمه الله صدق الهجرة إليه -يعني بقلبه- وطلب وجد، وجد، فهجرته إليه كانت بدء فضله عليه باصطفائه، وإنزال الوحي عليه، مضافاً إلى التأييد الإلهي، والتوفيق الرباني الذي هو الأصل، والمبدأ، والمرجع، والموئل.
وليس على معنى ما رده أهل السنة، وليس على ما معنى، لا يقال: إن هذه هي المقدمات، هي التي أكسبت النبي -عليه الصلاة والسلام- النبوة، لا يقال: إن هذه هي المقدمات، هي التي أكسبت النبي -عليه الصلاة والسلام- النبوة؛ لإن من المبتدعة من يرى أن النبوة مكتسبة، مكتسبة يقول: وليس على معنى ما رده أهل السنة، على من أعتقد أن النبوة مكتسبة، بل على معنى أن النبوة ومقدماتها ومتمماتها كل فضل من عند الله -جل وعلا- فهو الذي ألهم السؤال، وأعطى السؤل، وعلق الأمل، وبلغ المأمول، فله الفضل أولاً وأخراً، وظاهراً وباطناً -سبحانه وتعالى- يعني الرابط الذي أوجده ابن المنير، الظاهر انه ظاهر يعني، وإن كان سياق الحديث، إذا قلنا إن تمام المقابلة بين جزئيه، إنما يتم بالهجرة البدنية، لا يتجه حينئذ، لا ينطبق عليه كلام ابن المنير، إذا قلنا:((من كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها، أو امرأة يتزوجها فهجرته)) تمام المقابلة أن تكون الهجرة إلى الله ورسوله تكون بالبدن، وهو يقرر أن الهجرة إلى الله ورسوله إنما هي بالقلب، وبدء الوحي إنما كان بعد هجرة النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى الله بقلبه.
طالب. . . . . . . . .
نعم.
لا عاد هذا يأتي سبب الحذف، يأتي سبب الحذف هي مذكورة في الصحيح، لا لا، ما يلزم، ما يلزم؛ لأن البخاري قد يترجم لشيء، نعم ووجه الترجمة والمطابقة في جملة لم يذكرها، إنما ذكرها في موضع آخر، وقد تكون على غير شرطه في طريق من طرق الحديث لم يذكرها أصلا.