هذا يقول: ذكرنا في الدرس الماضي مسألة لو أسقط المطلق حقه في الرجعة هل يسقط؟ يقول هذا: بحثت في المسألة بحثاً قاصراً فوجدت بعض المسائل هي من حق المكلف المحض وتسقط بالإسقاط، ومنها حق الشفعة، وحق خيار المجلس، وحق القذف، وحق القسامة، وحقه في فسخ النكاح لفوات شرط أو وجود عيب وغيرها، وبعض المسائل لا تسقط بإسقاطه مع أنها من حقوقه المحضة، ومنها إسقاط حق التصرف بالمبيع بعد قبضه؛ لأن هذا عند أهل العلم ينافي مقتضى العقد، إسقاطه حق التصرف بالمبيع بعد قبضه وإسقاطه حق الطلاق بعد عقد النكاح، وإسقاط المرأة حقها في النفقة والقسم أبداً.
هذا يقول: فالسؤال: ما الضابط في مال المكلف إسقاطه وما ليس له إسقاطه مع أن جميع المسائل من حقوق المكلف المحضة؟
أهل العلم يفرقون بين ما ينافي مقتضى العقد وبين ما لا ينافي مقتضى العقد، وقد ذكر القرافي في الفروق الفرق بين حقوق الله تعالى وحقوق الآدميين، وبيّن أن حقوق الآدميين ما للمكلف إسقاطها ولم يبين ما هي الحقوق التي يمكن إسقاطها.
وهل يمكن أن يقال: الأصل عدم صحة إسقاط الحقوق إلا إذا ورد الدليل على صحتها؟. . . . . . . . . أن الضابط عند أهل العلم أنه إذا أسقط أو اشترط أو اشتُرط عليه أن يسقط ما مقتضاه منافاة مقتضى العقد فإن هذا ليس له، يعني لو قال: أنا أشتري هذه السيارة وأسقط حقي من الانتفاع بها أو اشتُرط عليه ذلك هذا لا ينفذ مثل هذا، مثلما قال: إسقاط حق التصرف بالمبيع بعد قبضه لأنه ينافي مقتضى العقد، وأما ما عدا ذلك فهم يتسامحون فيه؛ لأن الأمر لا يعدوه، وحق من حقوقه فإذا تنازل عنه فالأمر لا يعدوه.
من هذا لو أن المرأة تنازلت عن قسمها كما فعلت سودة نعم لها ذلك؛ لأن الأمر لا يعدوها.