الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فلسنا بصدد التعريف بالسنة، وبيان أهمية السنة وحجية السنة، كل هذا مضى الحديث فيه مراراً ولا حاجة داعية لتكرار ذلك، فالسنة من حيث الاحتجاج بها وكونها وحياً من عند الله كما في قوله - جل وعلا -: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}[سورة النجم٣ - ٤] وأنه لم يخالف في الاحتجاج بها إلا بعض طوائف المبتدعة، وأهل السنة قاطبة على الاحتجاج بها؛ لما ثبت منها ويوافقهم في ذلك بعض أو كثير من طوائف البدع يحتجون بالسنة، كالمعتزلة فتجد كتبهم طافحة بالاستدلال من صحيح البخاري وغيره وإن نازعوا في خبر الواحد مثلاً لكنهم في الجملة يحتجون بما في كتب أهل السنة من نصوص، وكذلك الزيدية، وغيرهم من طوائف المبتدعة.
لكن يخالف في ذلك الغلاة من الخوارج والروافض وغيرهم ولا عبرة بهم، ولا اعتداد بقولهم وفاقاً ولا خلافا، وإذا تقرر هذا فالسنة إذا ثبتت عن المصطفى - عليه الصلاة والسلام - فالوحي المفسر للقرآن وهي: البيان الذي جاء النبي - عليه الصلاة والسلام - مبيناً لكتاب الله - جل وعلا - بها.
لسنا بحاجة إلى تكرار ذلك، وقد تكلمنا فيه مراراً في مقدمات الكتب وفي دروس مستقلة، ولكن ما يتعلق بصحيح البخاري الذي نبدأ شرحه إن شاء الله تعالى، أما بالنسبة للإمام البخاري فمعروف لدى الخاص والعام: أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن بردزِبه البخاري الجعفي مولاهم، المولود سنة أربع وتسعين ومائة، والمتوفى سنة ست وخمسين ومائتين.