الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: ـ
ففي ترجمة إمام المفسرين أبي جعفر محمد بن جرير الطبري عند كثير ممن ترجم له، أنه قال لطلابه: أتصبرون على تفسيرٍ يكون في ثلاثين ألف ورقة، قالوا: لا، قال: أتصبرون على تفسير يكون في ثلاثة ألاف ورقة، قالوا: نعم، ومثل ذلك قال في التاريخ، واستقر أمره على أن يضع هذا التفسير:"جامع البيان عن تأويل آي القرآن"، وهو الذي عدل إليه عن التفسير المطول، والطبري كلامه هذا في القرن الثالث توفي سنة عشر وثلاث مائة، وابتداء التفسير قبل ذلك بكثير، فعدم الصبر، عدم التحمل عند الطلاب ليس بجديد، والهمم لا شك أنها تتفاوت، لكن يبقى أن الملل والسامة من طبع الإنسان وما جبل عليه، فما أدري الأخوان كثير منهم قال لي: اصنع ما شئت ولا تشاور أحداً، ولا تستفتي، وبعضهم يقول: نستفتي؛ لأن نقص اليوم كأنه وإن كان ما هو بظاهر جداً لكن في نقص.