شرح: باب: كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
الشيخ/ عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
ففي الحديث الثاني يقول الإمام -رحمة الله عليه-:
حدثنا عبد الله بن يوسف قال: أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله تعالى عنها- أن الحارث بن هشام سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله كيف يأتيك الوحي؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أحياناً يأتيني مثل صلصلة الجرس، وهو أشده علي)) وقفنا على هذا وأردنا الإشكال الذي يورده أهل العلم في تشبيه الوحي بالجرس، والوحي محمود والجرس مذموم، وجاء فيه ما جاء في صحيح مسلم وغيره أن ((الجرس مزمار الشيطان)) و ((لا تصحب الملائكة رفقة فيها جرس)) ذكرنا أن الأمة ابتليت بهذه الأجراس بحيث لا يكاد يفك منها إلا القليل النادر، إلا القليل النادر والإنكار في مثل هذه الحال كان في أول الأمر قوي، والناس يحتسبون في هذا المنكر ثم بعد ذلك بدأ الإنكار هذا يتضاءل ويخفت شيئاً فشيئاً حتى قل بل ندر، ووجد من ينازع في هذه النغمات، هل هي تدخل في المزمار المنهي عنه، حتى وجد من يبعث أقوال كانت مهجورة لا سميا في بلادنا، من إباحة المعازف والأغاني نعم، أثيرت وبعثت من جديد، وصار لها من ينافح عنها ويدافع ويتبناها، والله المستعان.