الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فالموضع الرابع من مواضع تخريج الإمام البخاري -رحمه الله- لهذا الحديث في كتاب: مناقب الأنصار، في باب: هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه إلى المدينة.
قال -رحمه الله-: حدثنا مسدد قال: حدثنا حماد هو ابن زيد عن يحيى عن محمد بن إبراهيم عن علقمة بن وقاص قال: سمعت عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يقول: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- أراه يقول، سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- أراه يقول:((الأعمال بالنية، فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه، ومن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله)) صلى الله عليه وسلم.
هذا الحديث يرويه الإمام في هذا الموضع عن شيخه مسدد بن مسرهد عن حماد بن زيد ومتنه فيه بدءاً من قول عمر -رضي الله عنه-: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول فيه كلمة أراه، وأراه يعني أظنه، بخلاف ما لو كانت مضبوطة بفتح الهمز، أراه يعني أعلمه، أما أُراه يعني أظنه، وهل يؤثر هذا الظن في ضبط الراوي أو لا يؤثر؟ المواضع كلها بالجزم، سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول، وهنا يقول: أراه يقول فهل مثل هذا يؤثر في ثبوت الحديث وضبط راويه أو لا يؤثر؟ نعم؟ نعم في ثبوت الحديث لا يؤثر؛ لأنه روي مجزوماً به في مواطن كثيرة، تلقته الأمة بالقبول، فهو مقطوع به، هذا ما فيه إشكال ثبوت الحديث لكن ضبط الراوي عندنا إلى يحيى بن سعيد موجود في الروايات المجزوم بها، يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم عن علقمة عن عمر، هذه تتفق عليها جميع الروايات المجزوم بها، فالتردد هذا الذي فيه أراه يأتي من بعد يحيى بن سعيد، فإما من حماد بن زيد وإما من مسدد، وعلى كل حال هما حافظان ضابطان لا يؤثر فيه مثل هذا التردد الذي قد يرد في بعض الأوقات، يطرأ النسيان على الإنسان ثم يرويه في موضع آخر مجزوماً به.