انتهينا من الجملة الأولى "إنما الأعمال بالنيات"، والجملة الثانية "وإنما لكل امرئ ما نوى" وإنما لكل، كل امرئ ما نوى، كل: اسم موضوع لاستغراق أفراد النكرات، اسم موضع لاستغراق أفراد النكرات نحو:{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} [(٣٥) سورة الأنبياء] ولاستغراق أجزاء المعرفة نحو: أكلت كل الرغيف يقول الجوهري في الصحاح: وكلٌ أو، وكلُ لفظه واحد، ومعناه جمع، لفظه واحد ومعناه جمع، فعلى هذا نقول: كلُ حضر وكلٌ حضروا على اللفظ مرة، وعلى المعنى أخرى، وكل وبعض معرفتان لماذا؟ لأنه إما مضاف حقيقة، أو حذف المضاف إليه، ونون تنوين العوض، تنوين العوض وكل وبعض معرفتان، ولم يجئ عن العرب بالألف واللام على ما جاء عن العرب بالألف واللام وهو جائز؛ لأن فيهما معنى الإضافة أضافت، أو لم تضف، يعن إن أضفت فتكون أل في معاقبة المضاف إليه يعني معاقبة للمضاف إليه بدلاً منه، وإن لم تضف فالتنوين تنوين العوض بدلاً من المضاف إليه، وحينئذ كأنه مذكور فيجوز إبدال المضاف إليه بأل هذا كلام الجوهري.
"وإنما لكل امرئ" يقول الكرماني: الإمرؤ الرجل، وفي لغتان:"امرئ نحو زبرج، ومرء نحو فلس، ولا جمع له من لفظه، ولا جمع له من لفظه وهو من الغرائب، وهو من الغرائب؛ لأن عين فعله تابع للامه في الحركات، في الحركات الثلاث فتقول: هذا امرؤ، ورأيت امرأً، ومررت بامرئ، الراء التي هي عين الكلمة تابعة للهمز التي هي لام الكلمة في الحركات الثلاث، قال: وكذا في مؤنثه أيضاً لغتان: "امرأة، ومرأة" وفي هذا الحديث استعمل اللغة الأولى منهما في كلا النوعين فقال: "وإنما لكل امرئ" ما قال مرء وإلى امرأة يعني في المذكر والمؤنث استعمل اللغة الأولى، وفي هذا الحديث استعمل اللغة الأولى منهما في كلا النوعين، إذ قال "لكل امرئ"، وإلى امرأة وفي القاموس المرؤ مثلث الميم، المرؤ مثلث الميم الإنسان أو الرجل.
"ما نوى" أي الذي نواه وقصده، وكذا لكل امرأة ما نوت؛ لأن النساء شقائق الرجال.