ويش معنى أن هذا الكتاب يؤلف، وهذا يختصر، وهذا يشرحه، وهذا ينظم، وهذا يشرح النظم، المقصود من ذلك تكثير الكتب؟ لا، إنما هو تقليب العلم، إلا ما يفهم ما يحفظ النثر يحفظ النظم، والذي لا يحفظ النظم يعاين النثر، والذي لا يفهم من المتن يقرأ من الشرح، والذي لا يغنيه الشرح يقرأ في الحاشية، والكتاب المطول يقرأ مختصره، والمختصر يقرأ شرحه، كل هذا من باب تقريب العلم من وجه إلى وجه؛ ليثبت في الذهن، والذي جرنا إلى هذا الحديث، أن هذه الفاء التي تسمى الفصيحة ذكرها الحامدي في حاشيته على الكفراوي.
ما ذكرها بصدد الكلام على هذا الحديث لا، على قول ابن آجروم: فالاسم: يعرف إلى أخره، أو بالضاد المعجمة يعني فضيحة، أو فاضحة فعلية بمعنى فاعلة؛ لأن الفعيل يأتي بمعنى الفاعل؛ لأنها فضحت، وأظهرت ما كان مخفياً في الكلام؛ لأنها فضحت وأظهرت ما كان مخفياً في الكلام، ولأن هذا مأخوذ من حاشية الحامدي على الكفراوي.
في شرح العيني، يقول: الفاء ها هنا لعطف المفصل على المجمل، لعطف المفصل على المجمل؛ لأن قوله:((فمن كانت هجرته)) إلى أخره تفصيل لما سبق من قوله: ((إنما الأعمال بالنيات)) ومن شرطية جوابها ما بعد الفاء.
كانت: فعل ماض إما ناقص، أو تام، فعل ماض ناقص، وقد تكون تامة بمعنى وجدت، كما في قوله -جل وعلا- {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ} [(٢٨٠) سورة البقرة] إن كان يعني وجد ذو عسرة، والمراد هنا أصل الكون؛ لأن كان فعل ماض، فعل ماض، ومعروف أن الفعل الماضي الأصل فيه أن النطق به وقع بعد الفراغ منه، إذا قلت: قام زيد، هل تقوله قبل قيامه؟ لا هل تقوله أثناء قيامه؟ الأصل أن تقوله بعد ما تم قيامه؛ لأنها فعل ماض، ويدل على حدث حصل في الزمن الماضي، لكن قد يطلق الفعل ويراد به كما هو الأصل الفراغ منه، يطلق ويراد به الشروع فيه، الشروع فيه، إذا ركع فاركع، سمعناه أنه إذا ركع وفرغ من الركوع اركعوا لا، وقد يطلق ويراد به ما قبل ذلك من إرادته، إذا دخل أحدكم الخلاء يعني إذا أراد {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ} [(٩٨) سورة النحل] يعني إذا أردت القراءة، وهكذا.