الثاني: أن يكون الفاعل ضميراً يعود إلى مؤنث سواء كان حقيقياً، أو غير حقيقي إذا كان ضميراً، فيجب تأنيث الفعل له، هنا الأصل التأنيث؛ لأن الفاعل مؤنث، أو المسند إليه مؤنث أعم من الفاعل؛ لأن هجرته هنا من كانت هجرته إما أن يقال: أنها اسم كان إذا قلنا إنها ناقصة، أو يقال فاعل كان إذا كانت كان تامة.
في شرح الكرماني ذكرنا لكم مراراً أنه يورد إشكالات، يورد أسئلة ثم يجيب عنها، وهذه ميزة لهذا الشرح، في شرح الكرماني فإن قلت: لفظ كانت إن كان باقياً في المضي فلم يعلم أن الحكم بعد صدور الكلام من الرسول -صلى الله عليه وسلم- لذلك أم لا، يعني هل الرسول -عليه الصلاة والسلام- يخاطب ناس هاجروا يعني في المضي وانتهوا؟ هذا ما يعلم الحكم؛ لأن الحكم إنما صدر بعد وقوع هجرته، وإن نقل العكس بسبب تضمين من لحرف الشرط إلى معنى الاستقبال، أو تضمن، هنا يقول تضمين، وهي تضمن، وتضمين بمعنى واحد إلى معنى الاستقبال، ففي الجملة الحكم إما للماضي، وإما للمستقبل، وهو بمعنى ما تقدم شرحه.
قلت: جاز أن يراد به أصل الكون أي: الوجود مطلقاً من غير تقييد بزمان من الأزمنة الثلاثة، أو يقاس أحد الزمانين على الأخر، أو يعلم من الإجماع أن حكم المكلفين على السواء، إلا لعارض يعني مثل ما تقدم، لكن شرح الكرماني نعتني به؛ لأنه أصل لهذه الشروح المتداولة، أصل لهذه الشروح المتداولة، واستفادوا منه، كل من جاء بعده استفاد منه، ولا تخلوا صفحة من فتح الباري، أو من عمدة القاري، ولا حتى إرشاد الساري وعلى اختصاره من قوله قال الكرماني، لكنه فيه هفوات، ومعوله في الغالب على الصحف، ولذلك كثرة فيه الأوهام، وتصدا الشراح لنقده، مع أن معولهم عليه.