يقول الحافظ ابن رجب -رحمه الله تعالى- في شرح الأربعين: وأصل الهجرة هجران بلد الشرك، والانتقال منه إلى دار الإسلام، كما كان المهاجرون قبل فتح مكة يهاجرون منها إلى مدينة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد هاجر من هاجر منهم قبل ذلك إلى أرض الحبشة إلى النجاشي.
الآن عندنا المهاجرون، وعندنا الأنصار من الذي يستحق الوصف الأول، ومن الذي يستحق الوصف الثاني، الوصف الأول: يستحقه من هاجر إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، هل يستقل هذا بمن هاجر من مكة إلى المدينة؟ يعني لو قيل: فلان من المهاجرين، أو يشمل من هاجر من مكة، أو من غيرها من البلدان من نجد مثلاً، أسلم وهاجر من نجد إلى المدينة، هل يعد من المهاجرين، أو لا؟ لا أنا أريد هذا الاسم ينطبق على من؟ الأنصار من نصر النبي -عليه الصلاة والسلام- من الأوس والخزرج فقط، أو من نصره من غيرهم، يعني هناك حقيقة لغوية كل من تحققت فيه هذه المادة يشمله الوصف، وهناك حقيقة شرعية جاءت بها النصوص، هل تختص بمن هاجر من مكة؟ إذا قيل فلان من المهاجرين، وإذا قيل فلان من الأنصار، هل يختص هذا الوصف، وصف النصرة بمن هاجر إليهم النبي -عليه الصلاة والسلام-، وعاهدوه، وتعاقدوا معه على أن ينصروه، أو كل من اتصف بهذا الوصف بالمعنى الأعم يدخل، والذي يدعوا لمثل هذا الكلام أنه يسمع بكلام بعض الخطباء، وبعض العلماء في دروسهم ها " اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد، ما تعاقب الليل والنهار، واغفر اللهم لصحابته المهاجرين والأنصار" يعني فيه من الصحابة غير المهاجرين والأنصار، وإلا ما فيه؟ يعني ما يشملهم مثل هذا، إذا قلنا أن المهاجر خاص هذا الوصف، خاص بمن هاجر من مكة إلى المدينة، هناك من هاجر من جهات أخرى، وإذا قلنا الأنصار خاص بالأوس والخزرج الذين عاهدوا النبي -عليه الصلاة والسلام- على أن ينصروه، قلنا: هذا الذي خص هاتين الفئتين أخرج من عداهم من الصحابة، والأولى أن يؤتى بلفظ يشمل الجميع؛ لأن وصف الصحبة يشملهم، ويشمل غيرهم، وإذا قلنا أن كل من هجر إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- استحق لفظ مهاجر، ومن نصره، استحق أن يوصف بأنه أنصاري دخل الجميع نعم.