وأمر الهجرة شديد، وبقاء المسلم بين ظهراني الكفار شأنه عظيم، وعواقبه وخيمة على المسلم نفسه، وعلى نسله، وعلى دينه من كل وجه الضرر، وكم ارتد؟ من ارتد ممن بقي في بلاد الكفر؟ وكم نشأ من ناشئة المسلمين على طرائق أهل الكفر، والتشبه بهم، وتقليدهم؟ حتى صار لا يعرف من الإسلام إلا أنه مسلم، فالخطر عظيم، ولذا جاء الأمر والتأكيد، ولم يستثنى من ذلك إلا المستضعف الذي لا يستطيع حيلة، والحيلة ما ذكرت إلا في الهجرة، ولذلك، وذالكم لعظم خطر البقاء في بلاد الكفر.
الحيلة أراد أن يحتال لتحقيق هذا الواجب فالحيلة شرعية، والفرق بين الحيل الشرعية، والحيل المحرمة المشابهة لحيل اليهود، أن من احتال من أجل الوصول إلى فعل واجب، أو ترك محرم، هذه حيلة شرعية، ومن احتال إلى التنصل من فعل واجب، أو ترك محرم، فهذه حيل اليهود، ولذا جاء الخبر ((لا ترتكبوا ما ارتبكت اليهود، فتستحلوا ما حرم الله بأدنى الحيل)).
((إلى دنيا)) يقول الكرماني: لفظ دنيا مقصورة غير منونة، لأنها فُعلى من الدنو، وموصوفها محذوف، أي: الحياة الدنيا، إلى دنيا إي: إلى حياة دنيا، لفظ دنيا مقصور غير منون؛ لأنها فعلى من الدنو، وموصوفها محذوف أي الحياة الدنيا، يقول ابن مالك في "شواهد التوضيح والتصحيح على مشكلات الجامع الصحيح": ذكرنا في المقدمة في الدرس الأول، أن اليونيني لما قابل البخاري على جميع الروايات التي وقعت له، حصل عنده إشكالات في بعض الألفاظ، فصار يقرأ ما تحرر عنده من هذه الروايات على الإمام ابن مالك، ابن مالك هذا المعروف إمام النحاة صاحب الألفية، صار يقرأ عليه ويصحح له، ويوجه له بعض الألفاظ التي يظهر فيها شيء من الإشكال من حيث الإعراب، أو من حيث المعنى اللغوي، أو من حيث البناء الصرفي، ابن مالك يوجه له ما يستشكله اليونيني، فهذه التوجيهات، وهذه الإيضاحات لهذه المشكلات دونت في كتاب اسمه:" شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح"، ومطبوع في مجلد صغير.