بل لو كلف العباد أن يعملوا عملاً بغير نية كلفوا ما لا يطيقون، يقول: وإنما يتصور عدم النية إذا لم يعلم ما يريد، يعني مثل قيل له: اركب، إلى أين؟ الله أعلم، اركب بس، هذا ما يستطيع أن ينوي، إذا لم يعلم مثل من نسي الجنابة واغتسل للنظافة أو للتبرد أو لمن أراد أن يعلم غيره الوضوء، ولم يرد أن يتوضأ لنفسه؛ لأنه قد يعلم ويتوضأ، وقد يعلم ولا يتوضأ، يتوضأ للتعليم دون التقرب، أو من يريد أن يعلم غيره الوضوء ولم يرد أن يتوضأ لنفسه، أو من لا يعلم أن غداً من رمضان فيصبح غير نوي للصوم، أو لم يعلم أن غداً من رمضان فيصبح غير ناوي للصوم، ومن عرف هذا تبين له أن النية مع العلم في غاية اليسر، مع إنها عند الموسوسين في غاية العسر، في غاية العسر، وما ذلكم إلا لشؤم المخالفة، مخالفة الشرع، يعني شخص يأتي في الثامنة صباحاً في الشتاء وصلاة العشاء مضى عليها ثلاثة عشرة ساعة، ثلاثة عشرة ساعة، ويقول: من ذلك الوقت وأنا أحاول أصلي العشاء ولم استطع، يعني في غاية العسر، والدين يسر، يقول شيخ الإسلام: ومن عرف هذا تبين له أن النية مع العلم في غاية اليسر لا تحتاج إلى وسوسة، وأصار وأغلال، ولهذا قال بعض العلماء: الوسوسة إنما تصدر للعبد من جهل بالشرع أو خبل في العقل، فالوسوسة إنما تصدر للعبد من جهل بالشرع أو خبل في العقل.
وقد تنازع الناس هل يستحب التلفظ بالنية؟ فقالت طائفة من أصحاب أبي حنيفة والشافعي وأحمد: يستحب، يعني من متأخريهم، يستحب ليكون أبلغ، وقالت طائفة من أصاحب مالك وأحمد: لا يستحب ذلك، بل التلفظ بها بدعة، بل التلفظ بها بدعة، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه والتابعين لم ينقل عن واحد منهم أنه تكلم بلفظ النية لا في صلاة ولا طهارة ولا صيام، قالوا: لأنها تحصل مع العلم بالفعل ضرورة، قالوا: لأنها تحصل مع العلم بالفعل ضرورة، فالتكلم بها نوع هوس وعبث وهذيان، يقول: فالتكلم بها نوع هوس وعبث وهذيان.