وأخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- أن هذه الهجرة تختلف باختلاف المقاصد والنيات بها، فمن هاجر إلى دار الإسلام حباً لله ولرسوله ورغبة في تعلم دين الإسلام وإظهار دينه حيث كان يعجز عنه بدار الشرك فهذا هو المهاجر إلى الله ورسوله حقاً، وكفاه شرفاً وفخراً أنه حصل له ما نواه من هجرته إلى الله ورسوله؛ لأنه قال:((فهجرته إلى الله ورسوله)) ولهذا المعنى اقتصر في جواب هذا الشرط على إعادته بلفظه؛ لأن حصوله، لأن حصوله ما نواه بهجرته نهاية المطلوب في الدنيا والآخرة.
يقول النووي -رحمه الله- تعالى في شرح أربعينه: قول: ((فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله)) نية وقصداً ((فهجرته إلى الله ورسوله)) حكماً وشرعاً.
ما الداعي لهذا التقدير؟ دفعاً لما يقال من اتحاد الشرط والجزاء، يعني قال:((فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله)) هل هذا بمثابة من قام قام، اتحاد الشرط والجزاء؟ نعم، لا، إذن لا بد من تقديره؛ لنخرج من هذا الإشكال.
قال النووي في شرح أربعينه:((فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله)) نية وقصداً ((فهجرته إلى الله ورسوله)) حكماً وشرعاً.
وفي دليل الفالحين شرح رياض الصالحين لابن علام قال:((فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله)) يعني قصداًَ ونية، فهو كناية عن الإخلاص، ((فهجرته إلى الله ورسوله))، ((فهجرته إلى الله ورسوله)) ثواباً وخيراً، فالجزاء كناية عن شرف الهجرة وكونها بمثابة عنده تعالى، أو عن كونها مقبولة مرضية، فلا اتحاد بين الشرط وا لجزاء؛ لأنهما وإن اتحدا لفظاً اختلفا معناً، وهو كافٍ في اشتراط تغاير الجزاء والشرط، والمبتدأ والخبر، وذكرت وجوهاً أخر لهذا التكرار في شرح الأذكار.