أخذ الأجرة على الجاه، قال: اشفع لي في نقل زوجتي وأعطيك كذا، إن أعطى منها المختص فهي رشوة، لا إشكال في تحريمها، لكن إذا أخذ من هذه الأجرة على الشفاعة من غير أن يبذل شيئاً للمشفوع لديه فهذا ما يسمى بالأجرة على الجاه، والخلاف بين أهل العلم معروف، يعني أكثر أهل العلم يمنعها، ورواية عند الحنابلة يجيزونها لأنها منفعة، تؤخذ بمقابل هذه المنفعة.
يقول ابن حجر: نقل النسفي الحنفي في الكافي عن محمد بن الحسن قال: ليس من أخلاق المؤمنين الفرار من أحكام الله بالحيل الموصلة إلى إبطال الحق.
يقول محمد بن الحسن: ليس من أخلاق المؤمنين الفرار من أحكام الله بالحيل الموصلة إلى إبطال الحق، هل تكفي مثل هذه العبارة في تقرير هذه المسألة؟ ليس من أخلاق المؤمنين، يعني هل يريد بذلك أنه من أخلاق الكفار أو من أخلاق المسلمين الذين هم في المرتبة دون المؤمنين وأن الكُمل يترفعون عن هذا وأما بالنسبة لعوام المسلمين لا مانع أن يتحيلوا؟ لا، ليس المراد هذا، وإنما هو يريد أن ينفر من هذه الحيل بالوصف المؤثر الذي هو يلامس مشاعر المسلم وهو الإيمان، كما يأتي في الأوامر الإلهية للمؤمنين، يعني: إن كنتم مؤمنين فهذه لا تليق بالمؤمنين.
في إغاثة اللهفان لابن القيم -رحمه الله- يقول -رحمه الله-: فصل ومن مكايده -يعني مكايد الشيطان- التي كاد بها الإسلام وأهله الحيل والمكر والخداع الذي يتضمن تحليل ما حرم الله وإسقاط ما فرضه ومضادته في أمره ونهيه، وهي من الرأي الباطل الذي اتفق السلف على ذمه، فإن الرأي رأيان: رأي يوافق النصوص وتشهد له النصوص بالصحة والاعتبار وهو الذي اعتبره السلف وعملوا به، ورأي يخالف النصوص وتشهد له بالإبطال والإهدار فهو الذي ذموه وأنكروه.
وكذلك الحيل نوعان: نوع يتوصل به نوع يتوصل به إلى فعل ما أمر الله تعالى به، وترك ما نهى عنه والتخلص من الحرام، وتخليص الحق من الظالم المانع له، وتخليص المظلوم من يد الظالم الباغي فهذا النوع محمود يثاب فاعله ومعلمه.