البخاري له روايات كثيرة كما مر بنا، ومع ذلك لا يذكرون في صلب الكتاب؛ لأن التأليف في أول الأمر .. ، أنتم تعرفون أن التصنيف والكتابة للحديث كانت ممنوعة في أول الأمر ((لا تكتبوا عني شيئاً سوى القرآن، ومن كتب شيئاً سوى القرآن فليمحه)) كتب الصحابة بعد ذلك، وأجمعوا على الكتابة، ((اكتبوا لأبي شاه)) "ليس أحد من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أكثر مني حديثاً" يقوله أبو هريرة "إلا ما كان من عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب ولا أكتب" يعني فيما بعد سمح بالكتابة وأجيزت وأقرت، وأجمع عليها أهل العلم، فكتبوا شيئاً يسيراً، ثم بعد ذلك صارت تزيد قليلاً قليلاً إلى أن وصلت إلى الحد الذي نراه بين أيدينا من أمهات الكتب، فالكتابة أول ما تبدأ تبدأ قليلة، ثم بعد ذلك يتوسع فيها وينتشر العلم وتتحرر أيضاً معالم التصنيف، ما كان هناك .. ، الأصل في العرب أنهم أمة أمية لا يقرؤون ولا يكتبون، تحررت معالم التصنيف ثم صار التصنيف على الوضع الذي وصل إلينا، وتدرج عليه الناس، إشكالنا هنا في مسند الحميدي يقول: حدثنا الحميدي، فمثل هذا يستشكله بعض طلاب العلم، كيف مسند الحميدي؟ من الذي يقول: حدثنا الحميدي؟ الراوي عنه، ومن الذي يقول: حدثنا يحيى بن يحيى قال: أخبرنا مالك؟ الراوي عنه، من الذي يقول: حدثنا عبد الله قال: حدثني أبي؟ هو الراوي عنه، وسببه ما سمعتم.