لماذا؟ لأن الذي يترجم بحكم شرعي، الذي يترجم بحكم شرعي يحتاج أن ينتقي أقوى ما عنده من الروايات؛ لأنه يثبت هذا الحكم الشرعي بأقوى ما يجد، بينما من يترجم لصحابي مثلاً هل يلزمه أن ينتقي أقوى ما يجد؟ ما يلزم، إنما يجمع تحت هذه الترجمة ما وقع له من الروايات عن هذا الصحابي، الإمام أحمد خرج الحديث برقم (١٦٨) في مسند عمر بن الخطاب -رضي الله عنه وأرضاه- يقول:
حدثنا سفيان عن يحيى عن محمد بن إبراهيم التيمي عن علقمة بن وقاص قال: سمعت عمر يقول: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:((إنما الأعمال بالنية، ولكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله -عز وجل- فهجرته إلى ما هاجر إليه، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه)) كلها، كلا الجملتين:((فهجرته إلى ما هاجر إليه)) وتقدم أنه في البخاري: ((فهجرته إلى الله ورسوله)) فأعاد جواب الشرط بلفظه قالوا: للتلذذ بذكر الله وذكر رسوله، وأيضاً القصد محدد، محدد بإرادة ما عند الله -جل وعلا-، وما يرضي رسوله -عليه الصلاة والسلام-، ما يرضي الله -جل وعلا-، فهو محدد فلا يؤتى به بصيغة العموم، كما جاء في قوله:((ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه)) هذا عموم، الدنيا أفرادها لا يمكن حصرها هجرته إلى ما هاجر إليه من أفراد ما ينضوي تحت هذا العموم من أمور الدنيا، وتقدم أن المرأة فرد من أفراد هذا العموم عند أكثر الشراح، وأن في كلام الغزالي ما سبق نقله أنها ليست من أفراد الدنيا، وقد رد عليه أهل العلم في ذلك.
الموضع الثاني من مواضع تخريج الحديث، أو من موضع تخريج الحديث في المسند: في رقم ثلاثمائة، يقول: حدثنا يزيد قال: أنبأنا يحيى بن سعيد، أن محمد بن إبراهيم أخبره أنه سمع علقمة بن وقاص الليثي يقول: إنه سمع عمر بن الخطاب وهو يخطب الناس وهو يقول: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:((إنما العمل بالنية، وإنما لامرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله وإلى رسوله فهجرته إلى الله وإلى رسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه)).