الدلالة خلنا نضرب مثال: يعني كون النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول لعائشة:((افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت)) قال من قال: إن الحائض تقرأ القرآن، لماذا؟ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال:((افعلي ما يفعل الحاج)) والحاج يقرأ القرآن، هذه دلالة تبعية وليست أصلية، لكن لو لم يوجد ما يعارض هذه الدلالة، وإن كان في كلام لأهل العلم يمكن اعتبارها، وإن كان محل النزاع لا يدخل في عموم ما ذكره النبي -عليه الصلاة والسلام- فيما يفعله الحاج، نعم؛ لأن الحاج يفعل أشياء وكل حاج يفعل أشياء تناسبه لا يفعلها غيره، وليست من الأعمال التي يفعلها جميع الحاج، يعني لو كانت من الأعمال المطلوبة للنسك قلنا: تدخل فيما يفعله الحاج، تدخل فيما يفعله الحاج، يعني استدلال الحنفية على أن وقت الظهر يمتد إلى مصير ظل كل شيء مثليه بحديث:((إنما مثلكم ومثل من قبلكم كمثل من استأجر أجيراً إلى الزوال بدينار، ثم استأجر أجيراً إلى وقت العصر بدينار، ثم استأجر أجيراً إلى غروب الشمس بدينارين، فقال أهل الكتاب: نحن أكثر عملاً وأقل أجراً)) يقول: كيف يتم استدلال النصارى الذين عملوا إلى منتصف النهار هذا المثل لليهود والذين عملوا إلى دخول وقت العصر هذا مثل النصارى، والذين عملوا إلى غروب الشمس مثل المسلمين؟ فكيف يقول النصارى: نحن أكثر عملاً ووقت الظهر ينتهي بمصير ظل الشيء مثله؟ هذا لا يمكن؛ لأنه إنما يكونون أكثر عملاً إذا قلنا: إن وقت الظهر ينتهي بمصير ظل الشيء مثليه، هذه دلالة تبعية، إذا سلمت فهي دلالة تبعية لم يورد الحديث من أجلها، لم يورد الحديث من أجلها، وإنما أورد لبيان فضل هذه الأمة، وأيضاً هذه الدلالة يعني مقابلة بدلالة أصلية وهي حديث عبد الله بن عمرو:"ووقت الظهر إلى مصير ظل الشيء مثله" وغيره من الأحاديث، المقصود أن الدلالة التبعية إذا عورضت بدلالة أقوى منها فإنها حينئذٍ تكون غير معتبرة، وإذا لم تعارض فيمكن أن يستنبط من الخبر أحكام وآداب وأشياء، ويزيد بعض أهل العلم في الاستنباط، وكم ترك الأول للآخر! ورب مبلغ أوعى من سامع، نعم يستنبط من .. ، ما زال العلماء يستنبطون من الأدلة أحكام زائدة على ما تقدم من النوازل