يعني إن كان الحارث قد أخبرها به فهو من مسنده، وإن كانت تحكي القصة -وهو الظاهر من السياق- وهي قصة لم تشهدها يكون من مسندها، لكن يكون من مراسيل الصحابة؛ لأنها لم تشهد القصة، يعني نظير ما قيل عن محمد بن الحنفية: أن عماراً مر به النبي -عليه الصلاة والسلام-، محمد بن الحنفية يحكي قصة لم يشهدها، ولذلك حكم الإمام أحمد ويعقوب بن شيبة على هذه القصة بالانقطاع، ولما جاء في رواية أخرى عن محمد بن الحنفية عن عمار أن النبي -عليه الصلاة والسلام- مر به حكموا بالاتصال، هل مرد الحكم بالانقطاع والاتصال إلى اختلاف الصيغتين (أن) و (عن)؟ أو أن مرد ذلك أن ابن الحنفية في السياق الأول يحكي قصة لم يشهدها وفي السياق الثاني يحكيها عن صاحبها؟ ونظيره ما عندنا سواء، عائشة بهذا السياق "وعن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أن الحارث بن هشام سأل رسول الله كيف يأتيك الوحي؟ " على هذا السياق الظاهر أنه من مسند عائشة، وهو ظاهر صنيع من ألف في الأطراف.
أقول: يحتمل أن يكون الحارث بن هشام أخبرها بذلك، أولاً: يحتمل أن عائشة حضرت السؤال والجواب فيكون الحديث من مسندها، وعلى هذا مشى أصحاب الأطراف كالمزي حيث ذكرها، ذكر الخبر في مسندها، ويحتمل أن يكون الحارث بن هشام أخبرها بذلك فيكون الحديث من مراسيل الصحابة، وحكمه الوصل عند جماهير أهل العلم، بل نقل عليه الاتفاق.
أما الذي أرسله الصحابي ... فحكمه الوصل على الصوابِ
وقد جاء ما يؤيد الثاني أنه أخبرها بذلك، ففي مسند الإمام أحمد -رحمه الله- من طريق عامر بن صالح الزبيري عن هشام عن أبيه عن عائشة عن الحارث قال: سألت ... إلى آخره.
يقول ابن حجر: وعامر فيه ضعف، يقول في الفتح: وعامر فيه ضعف، وله متابع عند ابن منده، قاله ابن حجر في فتح الباري، وهل يكفي أن يقال: عامر فيه ضعف؟ يعني شديد وإلا خفيف؟ إذا قيل: فيه ضعف، مقتضاه أنه ضعف خفيف، لكنه قال في التقريب: متروك الحديث، أفرط ابن معين فكذبه، هل يلتئم القولان؟ قوله في الفتح وقوله في التقريب؟ شتان، فرق كبير بين الحكمين، هاه؟