الجار والمجرور "بسم الله" متعلق بمحذوف قدره البصريون اسما مقدماً قبله، قبل الجار المجرور، والتقدير: ابتدائي كائن، أو مستقر، وقدره الكوفيون فعلاً مقدماً، والتقدير عندهم: أبدأ ببسم الله، فالجار والمجرور في الأول على رأي البصريين في موضع رفع، وفي الثاني نصب، ـ وجوز بعضهم تقديره اسما مؤخراً، أي: بسم الله ابتدائي -يعني في الكلام- وقدر الزمخشري المتعلق فعلاً مؤخراً، أي: بسم الله أقرأ، أو أتلوا؛ لأن الذي يتلوه مقروء، وكل فاعل يبدأ في فعله بسم الله كان مضمِرا ما جعلت التسمية مبدأ له، كما أن المسافر إذا حل، أو ارتحل، فقال: بسم الله، كان المعنى بسم الله أحل، وبسم الله ارتحل، يقول: وهذا أولى من أن يضمر أبدأ؛ لعدم ما يطابقه ويدل عليه، نعم البداية موجودة، لكن التعيين بالتخصيص أولى من التعميم، فالآكل يقول: بسم الله آكل، والشارب يقول: بسم الله أشرب؛ لأن أبدأ لا تخصص وتنص على المراد -يعني كما قدره الكوفيون-.
وإنما قدر المحذوف متأخرا، الجار والمجرور المتعلق متقدم للدلالة على الاختصاص؛ لأن تقديم المعمول على عامله يفيد الاختصاص، كما في قوله -جل وعلا-: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ}[سورة الفاتحة: ٥] وبسم الله أقرأ يعني لا بغيره، قد يقول قائل في أول سورة أنزلت من القرآن تقديم الفعل:{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}[سورة العلق: ١] ما قيل بسم ربك اقرأ؛ للدلالة على الاختصاص، والجواب أنه قدمت القراءة، للاهتمام بشأنها، والعناية بها، فالنازل إنما أنزل ليُقرأ فقدمت القراءة للاهتمام بشأن القراءة.
قال -رحمه الله-: كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ تلاحظون أنه لم يقل: كتاب بدء الوحي، وفي الرواية التي بين أيدينا واعتمدت في هذه الطبعة بدون باب.