على كل حال مثل هذه الأمور أمرها سهل، وذكر مثل هؤلاء لا يؤثر إن نفع وإلا ما ضر، ولسنا نعول عليهم بمفردهم، يعني إنما نستفيد منهم في فهم الكلام، هم أهل نظر، وعندهم أيضا دقة في الفهم، لكن لا نعول عليهم في الرواية، لا نعول عليهم في الرواية يقول: وعليه استمر -يعني عدم التفريق بين هذا الصيغ- عمل المغاربة، ورجحه ابن الحاجب في مختصره، ونقل عن الحاكم إنه مذهب الأئمة الأربعة، ومنهم من رأى إطلاق ذلك حيث يقرأ الشيخ من لفظه، رأى إطلاق ذلك حيث يقرأ الشيخ من لفظة، وتقييده حيث يقرأ عليه، وهو مذهب إسحاق بن راهويه، والنسائي، وابن حبان، وابن مندة وغيرهم لا بد من التقييد، لا بد أن يقول حدثنا بإطلاق إذا كان طريق التحمل التلقي والسماع من لفظ الشيخ، ولا بد من التقييد حينما يكون التحمل بطريق القراءة على الشيخ التي هي العرض، فيقول: حدثنا قراءة عليه، أخبرنا قراءة عليه، أو فيما قرأ عليه وهكذا، يفرق بين طرق التحمل بالإطلاق والتقييد، يطلق إذا كان الطريق السماع، ويقيد إذا كان طريق التحمل العرض والقراءة على الشيخ، ومنهم من رأى التفرقة بين الصيغ بحسب افتراق التحمل، فيخصون التحديث بما يلفظ به الشيخ، والإخبار بما يقراء عليه، يخصون التحديث بما يلفظ به الشيخ -يعني بما تلقي بطريق السماع من لفظ الشيخ-، والإخبار بما يقرأ عليه بما تلقي عليه بطريق العرض والقراءة على الشيخ، وهذا مذهب ابن جريج، والأوزاعي، والشافعي، وابن وهب، وجمهور أهل المشرق.
عرفنا أن رأي الإمام البخاري عدم التفريق بين هذه الصيغ ولا يلتفت إليها، مسلم يفرق بينها بدقة، كما أنه يفرق بين اللفظ، والبخاري لا يفرق بين اللفظ يقول: حدثنا فلان وفلان وفلان واللفظ لفلان، والبخاري يقول حدثنا فلان، ولا ينبه على صاحب اللفظ، إلا أنه كما قال الحافظ ابن حجر: أنه قد ظهر بالاستقراء من صنيع البخاري أنه إذا روى الحديث عن شيخين فاللفظ للأخر منهما، فاللفظ للآخر منهما، وسيتبين لنا فيما بعد في شرح الأحاديث الآحقة -إن شاء الله تعالى- أن هذه القاعدة أغلبية وليست كلية.