بلا شك يعني {عَمَّ يَتَسَاءلُونَ* عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ} [(١ - ٢) سورة النبأ] ومنهم من يقول عند من يقول بالترادف أنهما متساويان من كل وجه، ولذا وصف النبأ لما أريد بيان عظمته وصف بأنه عظيم، ولو كان غير مرادف للخبر، وأنه مختص بالعظيم لما احتيج إلي وصفه بكونه عظيم.
على كل حال الإنباء خصوه -يعني المتأخرين- بالإجازة، بالإجازة التي يشافه بها الشيخ من يجيزه وكل هذا مستحسن وليس بواجب عندهم، ليس بواجب ليس معنى هذا أنك إذ تحملت بطريق السماع تقول: أخبرنا وتأثم، أو تقول حدثنا بطريق العرض وتأثم، أو حدثنا في الإجازة وتأثم، اللهم إلا إذا ترتب على ذلك شيء من التشبع، وأنك من الأهلية والمنزلة عند الشيخ بأن يحدثك ولا تقرأ عليه، أو يختصك بشيء دون غيرك إذا ساور القلب شيء من هذا، لا شك أنه يدخل في حيز الذم ويدخل في حيز التدليس.
إذا روى بالإجازة المشافه للمشافه، قال: أنبأنا، أو قال: أخبرنا، أو قال: حدثنا ولم يبين أنه إجازة، أو تحديث، أو عرض لا شك أن مثل هذا قد يذم، إذا كان القصد من ذلك أنه تحمل الحديث بطريقة عليا؛ لأن الإجازة دنيا فيدلس على السامع أنه تحمل حديث بطريق السماع من لفظ الشيخ، إذا تتطرق إليه مثل هذا فإنه حينئذ يذم من هذه الحيثية، وقد يوصف بالتدليس، ووصف بعضهم بتدليس الصيغ.
وكل هذا مستحسن وليس بواجب عندهم، وإنما أرادوا التمييز بين أحوال التحمل، وظن بعضهم أن ذلك على سبيل الوجوب فتكلفوا في الاحتجاج له وعليه بما لا طائل تحته، نعم يحتاج المتأخرون إلى مراعاة الاصطلاح المذكور؛ لئلا يختلط؛ لأنه صار حقيقة عرفية عندهم، فمن تجوز عنها، -يعني استعمل اللفظ في غير ما استعمل له اصطلاحاً- فمن تجوز عنها احتاج إلى الإتيان بقرينة تدل على مراده، احتاج إلى الإتيان بقرينة تدل على مراده، وإلا فلا يؤمن اختلاط المسموع بالمجاز بعد تقرير الاصطلاح، فيحمل ما يرد من ألفاظ المتقدمين، فيحملوا ما يرد من ألفاظ المتقدمين على محمل واحد بخلاف المتأخرين، بخلاف المتأخرين -يعني إذا كان هذا في الصيغ التي تدل على التحمل الأصلي وهو السماع الذي هو أصل التحمل_.