ولا شك أن الشيوخ مهما بلغوا من العلم، وصدق النية، وصحة العمل أنهم يبقون أنهم بشر، يغضبهم من يغضب الناس، ويرضيهم ما يرضي الناس، يبقى أنه، ولذا يوصي أهل العلم الطالب ألا يضجر شيخه، -لا يكون سبب في إضجاره وسوء خلقه، حتى قالوا عن محدث: أنه من أحسن الناس خلقاً، فما زال به طلاب الحديث حتى صار أسوا الناس خلقاً، على كل حال الطالب أن يتحمل عليه جزء من المسئولية، والشيخ كذلك، يعني مهما بلغ به من جفاء الطلاب، أو إعانتهم له، أو إشغالهم إياه، وكثرة الأسئلة، وإطالة الوقوف عليه أن يتحمل، عليه أن يتحمل، وعلى الطالب أيضا أن يلاحظ قدرة الشيخ، وتحمل الشيخ؛ لأنه بشر قد يكون الشيخ جاء من بعد درس، إما أن يقف عند الباب في شمس حار، أو في جو بارد وريح باردة أو يحتاج إلى الدورة، أو يحتاج إلى الراحة.
الشيخ يعتريه ما يعتري الناس، ثم تجد الأخوان -جزآهم الله خيراًٍ- من الحرص يحمدون ويشكرون على هذا، أنهم يتتبعون العلم، ويسألون عما يشكل عليهم هذه منقبة لهم، ولا شك أن أكثرهم حرصاً على هذا هو يستحق أكثر من مدحه؛ لإن هذه دلالة على حرصه على التحصيل، لكن ينبغي بعد أيضا أن كل واحد له ما يخصه الشيخ عليه أن يصبر ويتحمل، والطالب عليه أيضا أن يراعي ظروف الشيخ، ولذا الإمام النسائي -رحمه الله تعالى- طرد من الحلقة، طرده الحارث مسكين فصار وراء سارية يسمع الحديث، ما فرط بحديث الشيخ، يعني بعضهم يأتي إلى شيخ من الشيوخ الكبار الذي هو في سن جده مثلاً، أو أبيه، ثم يجد هذا الشيخ ما استقبله استقبال مناسب، ثم يحرم على نفسه ألا يكرر المجيء إلى هذا الشيخ لماذا؟ لأنه لم يستقبله طيب أنت ما تدري عن ظروف الشيخ، الشيخ وافد إليه الناس زرافات ووحداناً كل له مطالبه، منها المطالبة العامة، ومنها المطالب الخاصة، ومنها الأمور المكدرة الكثيرة، فما تدري ويش ظروف الشيخ اليوم،! فعلى الإنسان أن يتحمل، وعليه أن يعذر بقدر الإمكان، والله المستعان.