للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وذهبت الصفرة، انصرف من عرفات إلى مزدلفة، وبقي بمزدلفة حتى صلى بها الفجر، وأذن للضعفة بالدفع بعد نصف الليل، وأما هو فبقي بها حتى صلى الفجر، وذكر الله عند المشعر الحرام

[فضل يوم عرفة]

أمة الإسلام، يوم عرفة من أفضل أيام الله، هذا اليوم من أفضل أيام الله، يوم عظيم مبارك، وموسم كريم، يوم يستجاب فيه الدعوات، وتقال فيه العثرات، يوم يباهي الله بأهل الأرض أهل السماء، قال -صلى الله عليه وسلم-: «إذا كان يوم عرفة إن الله ينزل إلى السماء فيباهي بهم الملائكة فيقول: " انظروا إلى عبادي أتوني شعثا غبرا ضاحين من كل فج عميق، أشهدكم أني قد غفرت لهم (١) »

يا معشر المسلمين تعرضوا لنفحات ربكم، أخلصوا لله أعمالكم، وحدوا الله وأطيعوه، تضرعوا بين يدي ربكم، واسألوه من فضله وكرمه، فهو الكريم الجواد «ما رئي الشيطان يوما هو فيه أصغر ولا أدحر ولا أحقر ولا أغيظ منه في يوم عرفة، وما ذاك إلا لما رأى من تنزل الرحمة، وتجاوز الله عن الذنوب العظام (٢) »

[بيان غلط بعض المسلمين في زعمهم أن الحج يسقط جميع الواجبات عن المسلم]

أيها المسلمون، يغلط البعض من المسلمين فيظن أنه إذا أدى الحج فقد سقطت عنه كل الواجبات، وأنه بأداء الحج لا يصوم ولا يصلي ولا يزكي ويرتكب ما شاء من معاصي الله، وهذا كله من سوء التصور وسوء الفهم، فإن الحج يهدم ما قبله بالتوبة النصوح، والحج ليس مسقطا للواجبات، فمن أراد أن يكون حجه مقبولا فليستقم على طاعة الله، وليحافظ على فرائض الإسلام، فإن الله جعل للدين خمسة أركان: أولها التوحيد، ثم الصلاة، ثم الزكاة، ثم الصوم، ثم الحج، من جحد شيئا منها فقد كفر، ومن ترك الصلاة كفر، ومن ترك


(١) أخرجه ابن خزيمة في صحيحه ٤ \٢٦٣، كتاب الحج باب: تباهي الله أهل السماء بأهل عرفات، ح (٢٨٤٠) ، وابن حبان في صحيحه ٩ \١٦٤، كتاب: الحج باب: ذكر رجاء العتق من النار لمن شهد عرفات يوم عرفة ح (٣٨٥٣) وأخرج بنحوه مسلم في صحيحه ٢ \٩٨٢ كتاب الحج باب: في فضل الحج والعمرة ويوم عرفة ح (١٣٤٨) ولفظه: '' ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول ما أراد هؤلاء ''
(٢) أخرجه مالك في الموطأ ١ \٤٢٢، كتاب الحج باب جامع الحج ح (٩٤٤) ، وعبد الرزاق في مصنفه ٤ \٣٧٨، قال ابن عبد البر في التمهيد ١ \١١٦: (ومعنى هذا الحديث محفوظ من وجوه كثيرة)

<<  <   >  >>