وهذا يقتضي أن يكون قد حصل للملائكة من الثواب كل ما حصل للأنبياء مع زيادة الثواب التي استحقوها بأفعالهم التي أتوا بها قبل خلق البشر.
الحجة السادسة: الملائكة رسل الله إلى الأنبياء، والرسل أفضل من الأمة، بيان المقدمة الأولى قوله تعالى:(عَلَمَهُ شَدِيدُ القُوى) النجم:٥ (َنزَلَ بِهِ الرُوحُ الأَمينُ عَلى قَلبِكَ) الشعراء: ١٩٣ (يُنَزِلُ المَلائِكَةَ بِالرُوحِ مِن أَمرِهِ عَلى مَن يَشاءُ مِن عِبادِهِ) النحل:٢ وأما أن الرسل أفضل من الأمة فلوجهين؛ الأول: أن الرسول البشرى أفضل من أمته، فهكذا هنا، فإن قيل: الفرق أن السلطان إذا أرسل واحدا إلى جمع عظيم ليكون متوليا لأمورهم وحاكما فيهم فذلك الشخص أفضل من ذلك الجمع، أما إذا أرسل شخصا واحدا إلى شخص واحد لأجل الإعلام، فالظاهر أن الرسول أقل حالا من المرسل إليه، كما إذا أرسل الملك عبده إلى الوزير، قلنا: هذا مدفوع لأن جبريل عليه السلام مبعوث إلى كافة الأنبياء والرسل من البشر؛ فجبريل عليه السلام رسول، وأمته كل الأنبياء فعلى القانون الذي ذكره السائل يلزم أن يكون جبريل أفضل منهم. الوجه الثاني: الملائكة رسل الله لقوله تعالى: (جَاعِلُ المَلائِكَةِ رُسُلاً) فاطر: ١ والملك إما مرسل إلى ملك آخر، وإما أن يكون رسولا إلى البشر، وعلى التقديرين فالملك رسول وأمته أيضا رسل، وأما الرسول البشري فهو مرسل، لكن أمته ليس برسل، ومعلوم أن الرسول الذي يكون كل أمته رسلا، أفضل من الرسول الذي لا يكون أحد من أمته رسولا، فثبت فضل الملك على البشر من هذه