أن تكون مستولية على أرواح العالم السفلي، لا سيما وقد دلت المباحث على أن أرواح هذا العالم معلولات لكمال ذلك العالم ونسبة أرواح هذا العالم وكمالات هذه الأرواح إلى أرواح ذلك العالم وكمالاته كالشعل الصغيرة بالنسبة إلى قرص الشمس وكالقطرة الصغيرة في البحر الأعظم، فهذه الأرواح البشرية كالذرات وأما البحار والعيون والجبال والمعادن فهي الأرواح العلوية فكيف يمكن أن يعلل أحدهما بالآخر؟ فهذا حكاية أدلة الفريقين في هذه المسألة على الاختصار والله اعلم، هذا ما أورده الإمام فخر الدين في الأربعين وأقول: هذه الحجج التي احتج بها من فضل الملائكة لا نقول بمقتضاها في تفضيلهم على الأنبياء لأدلة أخرى قامت على تفضيل الأنبياء عليهم، لكنها تنفع في تفضيل الملائكة على غير الأنبياء من البشر.
وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام:
[فصل في معرفة تفضيل بعض الموجودات الحادثات على بعض الجواهر والأجسام]
والأجسام كلها متساوية من جهة ذواتها وإنما يفضل بعضها على بعض بصفاتها وأعراضها وانتسابها إلى الأوصاف الشريفة والأفعال النفيسة، والفضائل ضربان: أحدهما: فضل الجمادات كفضل الجوهر على الذهب وفضل الذهب على الفضة وفضل الفضة على الحديد، وفضل الأنوار على الظلمات وفضل الشفاف على غير الشفاف وفضل اللطيف على الكثيف والنير على المظلم والحسن على القبيح، والضرب الثاني: فضائل الخيرات وهي أقسام: أحدها: حسن الصور، والثاني: قوة الأجسام: كالقوى الجاذبة، والممسكة والدافعة والقاذية، والقوى على الجهاد والقتال، وحمل الأعباء والشجاعة والسخاء والحلم، والرابع: العقول، والخامس: الحواس، والسادس: العلوم المكتسبة وهي أقسام: