فأرادها على نفسها فقالت: ما شئتما غير أن لى زوجا أكره أن يطلع على هذا منى فأفتضح، فإن أقرتما لى بدينى وشرطتما أن تصعدا بى إلى السماء؛ فعلت، فأقرا لها بدينها، وأتياها فيما يران ثم صعدا بها إلى السماء، فلما انتهيا إلى السماء اختطفت منهما وقطعت أجنحتهما فوقعا خائفين نادمين يبكيان، وفي الأرض نبى يدعو بين الجمعتين فإذا كان يوم الجمعة أجيب، فقالا: لو أتينا فلانا فسألنا يطلب لنا التوبة فأتياه فقال: رحمكما الله، كيف يطلب أهل الأرض لأهل السماء؟ قالا: إنا قد ابتلينا، قال: ائتيانى في يوم الجمعة، فأتياه فقال: ما أجبت فيكما بشيء، ائتيانى في الجمعة الثانية، فأتياه فقال: اختارا فقد خيرتما فإن أحببتما معافاة الدنيا وعذاب الآخرة، وإن أحببتما فعذاب الدنيا وأنتما يوم القيامة على حكم الله قال أحدهما: الدنيا لم يمض منها إلا القليل وقال الآخر: ويحك إنى قد أطعتك في الأول فأطعنى الآن، فاختارا عذاب الدنيا (.
لهذه القصة طرق أخرى كثيرة جمعها الحافظ ابن حجر في جزء مفرد، وقال في كتابه) القول المسدد في الذب عن مسند أحمد (: إن الواقف عليه يكاد يقطع بوقوع هذه القصة لكثرة الطرق الواردة فيها وقوة مخارج أكثرها وقد وقفت على الجزء الذى جمعه فوجدته أورد فيه بضعة عشر طريقا، وقد جمعت أنا طرقها في التفسير فبلغت نيفا وعشرين طريقا.
[ذكر قصة ملك آخر عليه السلام]
أخرج ابن أبى شيبة في المصنف عن عبد الله بن عيسى قال: كان فيمن كان قبلكم رجل عبد الله أربعين سنة في البر، قال: يا رب قد اشتقت أن أعبدك في البحر، فأتى إلى قوم فاستحملهم فحملوه، وجرت بهم سفينتهم ما شاء الله أن تجرى ثم قامت، فإذا شجرة في ناحية الماء فقال: ضعوني على هذه الشجرة فوضعوه، وجرت بهم سفينتهم، فأراد ملك أن يعرج إلى السماء فتكلم بكلامه الذي كان