للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإختراع كأصول الجن والإنس لا كأعيانهم، فلذلك لم يذكروا معهم قال البيهقي: وأبين من هذا كله في أن الملائكة صنف غير الجن حديث مسلم:) خُلِقَت المَلائِكَةُ مِن نُور وَخُلِقَ الجَانُ مِن مارِجٍ مِن نَار وَخُلِقَ آَدَمُ مِمَّا وُصِفَ لَكًم (.

قال: ففي فصله بينهما في الذكر دليل على أنه أراد نورا غير نور النار، قال الحليمي والبيهقي والقونوي: ومما يدل على تباين الجن والملائكة قوله تعالى: (وَيَومَ نَحشُرُهُم جَميعاً ثَمَّ نَقًولُ لِلمَلائِكَةِ أَهَؤلاَءِ إِياكًم كَانوا يَعبُدونَ قَالُوا سُبحَانَك أَنتَ وَلِيُنا مِن دُونِهِم بَل كَانُوا يَعبُدونَ الجِنَّ) سبأ: ٤٠، ٤١ فثبت بهذا أن الملائكة غير الجن.

مسألة:

قال الحليمي والبيهقي والقونوي: ثم إن الملائكة يسمون الروحانيين بضم الراء وفتحها؛ أما الضم فلأنهم أرواح ليس معها ماء ولا نار ولا تراب، ومن قال هذا قال: الروح جوهر، وقد يجوز أن يؤلف الله أرواحا فيجسمها ويخلق منها خلقا ناطقا عاقلا فيكون الروح مخترعا والتجسيم وضم النطق والعقل إليه حادثا من بعد، ويجوز أن يكون أجسام الملائكة على ماهي عليه اليوم مخترعة كما اخترع عيسى وناقة صالح، وأما الفتح فبمعنى أنهم ليسوا محصورين في الأبنية والظلل، ولكنهم في فسحة وبساط وقد قيل: إن ملائكة الرحمة هم الروحانيون بفتح الراء من الروح، وملائكة العذاب هم الكروبيون من الكرب انتهى، وفي الفائق: الكروبيون سادة الملائكة منهم جبريل وميكائيل وإسرافيل وهم المقربون من كرب إذا قرب، وفي تذكرة الشيخ تاج الدين ابن مكتوم: سئل أبو الخطاب بن دحية عن الكروبيين هل يعرف في اللغة أم لا؟ فقال: الكروبيون بتخفيف الراء سادة الملائكة وهم المقربون من كرب إذا قرب أنشد أبو علي البغدادي: كروبية منهم ركوع وسجد. وقال الطيبي عن بعضهم: في هذه اللفظة ثلاث مبالغات إحداها: إن كرب أبلغ من قرب حين وضع موضع كاد، يقول كربت

<<  <   >  >>