وفي كتاب الفروع من كتب الحنابلة - وهو كتاب جليل كثير الفوائد - ما نصه: قال أبو حامد في كتابه: الجن كالإنس في التكليف والعبادات ومذاهب العلماء إخراج الملائكبة من التكليف والوعد والوعيد، وقال بعد ورقة: كشف العورة خاليا، من مسألة سترها عن الملائكة والجن: وظاهر كلامهم يجب عن الجن لأنهم مكلفون أجانب، وكذا عن الملائكة مع عدم تكليفهم، لأن الآدمي مكلف انتهى. والظاهر أن مراده إخراجهم عن التكليف بما كلفنا به، لا مطلقا وإلا فهم مكلفون قطعا كما تقدم في كلام ابن جماعة.
مسألة:
اختلف العلماء في بعثة النبي صلى الله عليه وسلم إلى الملائكة على قولين أحدهما: أنه لم يكن مبعوثا إليهم، وبهذا جزم الحليمي والبيهقي من أصحابنا ومحمود بن حمزة الكرماني في كتابه العجائب والغرائب، ونقل البرهان النسفي والفخر الرازي في تفسيريهما الإجماع عليه، وجزم به من المتأخرين: الحافظ زين الدين العراقي في نكته على ابن الصلا، والشيخ جلال الدين المحلى في شرح جمع الجوامع، والقول الثاني: أنه كان مبعوثا إليهم ورجحه القاضي شرف الدين البارزي، والشيخ تقي الدين السبكي وهوالمختار، ولى فيه مؤلف يسمى " تزيين الأرائك في إرسال النبي صلى الله عليه وسلم إلى الملائك " وقال الحافظ ابن حجر في الإصابة: وهل تدخل الملائكة في حد الصحابة؟ محل نظر، وقد قال بعضهم: إن ذلك ينبني على أنه هل كان مبعوثا إليهم أولا؟ وقد نقل الإمام فخر الدين في أسرار التنزيل الإجماع على أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن مرسلا إلى الملائكة، ونزوع في هذا النقل، بل رجح الشيخ تقي الدين السبكي أنه كان مرسلا إليهم، واحتج بأشياء يطول شرحها، وفي صحة بناء هذه المسألة على هذا الأصل نظر لا يخفى انتهى. وفي كتاب كشف الأسرار لابن العماد: حكاية أن آدم عليه السلام أرسل إلى الملائكة لينبأهم بما علم من الأسماء.