"فلقد عبر كل من أرميا وخادم الله -الذي تذكره الأسفار- عن ثقتهما المتناهية في أن نبوتهما قد اختصهما الله بها قبل مولدهما من بطني أمهاتهما.
"كانت كلمة الرب إلي قائلًا: قبلما صورتك في البطن عرفتك، وقبلما خرجت من الرحم قدستك. جعلتك نبيًا للشعوب" "أرميا ١: ٤-٥".
"اسمعي لي أيتها الجزائر واصغوا أيها الأمم من بعيد، الرب من البطن دعاني، من أحشاء أمي ذكر اسمي.. والآن قال الرب جابلى من البطن عبدًا له" "أشعياء ٤٩: ١-٥".
وعلى كل حال فلقد كانت معرفة الأنبياء بالله عميقة الجذور، شخصية الخبرة والتجربة، بعيدة عن المقارنة بأي نوع من أنوع المعرفة حتى ولو كانت معرفة أهل التقي والورع"١.
ومن هنا يتبين أن الشيء المتفق عليه في حقيقة أنبياء الله ورسله، هو تأكيد بشريتهم، من قبل أن تأتيهم كلمة الله ومن بعد ما جاءتهم. وهي بشرية كاملة بكل ما يلازمها من غرائز وخواص ونقاط ضعف ومواقع قوة -ثم تسمو بعد ذلك آفاقًا بعيدة فوق مستوى بشرية كل الناس.