للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢٨٧- وقد بين الإمام الشافعي هذا، وهو يبين صفة الراوي الذي يحتج بحديثه، فقال: أن يكون الراوي: "حافظًا إن حدث من حفظه حافظًا لكتابه إن حدث من كتابه، إذا شرك أهل الحفظ في الحديث وافق حديثهم"١ ... ويقول: "من عرف من أهل العراق ومن أهل بلدنا بالصدق والحفظ قبلنا حديثه، ومن عرف منهم، ومن أهل بلدنا بالغلط رددنا حديثه، وما حابينا أحدًا ولا حملنا عليه"٢. ويقول مروان بن محمد الطاطري "٢١٠هـ": لا "غنى لصاحب الحديث عن صدق وحفظ وصحة كتب، فإذا أخطأته واحدة، وكانت فيه واحدة لم تضره، إن لم يكن حفظ رجع إلى الصدق، وكتبه صحيحة لم يضره إن لم يحفظ"٣.

٢٨٨- وأعلى درجات الضبط حفظ الذاكرة مع الكتاب، أي اتخاذ الطريقين معًا، يقول الإمام أحمد بن حنبل: إن يحيى بن سعيد القطان أثبت من وكيع وعبد الرحمن بن مهدي، ويزيد بن هارون، وأبي نعيم -وهؤلاء أئمة- لأنه كان يضم إلى حفظه كتابة ما يسمعه٤، مع أنه قد رزق ملكة حافظة تمكنه من حفظ ما يسمعه من الشيخ، ويستطيع أن يدونه بعد أن يذهب إلى البيت ...

٢٨٩- والذي يدون الأحاديث أروى من غيره، يقول ابن المبارك: "ما رأيت أحدًا أروى عن الزهري من معمر إلا ما كان من يونس، فإن يونس كتب كل شيء"٥ ... ويرى علي بن المديني أنه ليس في أصحابه أحفظ من أحمد بن حنبل؛ لأنه لا يحدث إلا من كتاب، وهو في هذا قدوة حسنة ينبغي أن يؤتسى به٦.

ويرى بعض الأئمة في القرن الثاني أنه يمكن الاعتماد على الكتاب وحده دون حفظ الذاكرة ما دام الكتاب صحيحًا، يقول عبد الله بن الزبير


١ الرسالة ص ٣٧١.
٢ معرفة السنن والآثار ١/ ٦٤.
٣ المحدث الفاصل "المخطوطة" ص٢٣٣.
٤ تقدمة المعرفة ص ٢٤٦ - ٢٤٧.
٥ العلل ومعرفة الرجال ١/ ١٩.
٦ تقدمة المعرفة ص ٢٩٥.

<<  <   >  >>