للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحميدي "٢١٩هـ" مبينًا ذلك: "من اقتصر على ما في كتابه فحدث به، ولم يزد فيه، ولا ينقص منه ما يغير معناه، ورجع عما يخالف فيه بوقوف منه عن ذلك الحديث أو عن الاسم الذي خولف فيه من الإسناد ولم يغيره فلا يطرح حديثه، ولا يكون ضارًّا ذلك له في حديثه إذا لم يرزق من الحفظ والمعرفة بالحديث ما رزق غيره

-إذا اقتصر على ما في كتابه، ولم يقبل التلقين"١، ولا يجد بعض المحدثين غضاضة أن يعلن أنه لم يرزق الحفظ وأنه يتخذ له كتابًا يحدث منه حتى لا يخطئ، قال أبو الوليد الطيالسي: كنت أجالس جريرًا بالري، وكتب عني حديثين؛ فقلت له: حدثنا، قال: لست أحفظ وكتبي غائبة، وأنا أرجو أن أوتى بها، وقت كتبت في ذاك، فبينما نحن إذ ذكر شيئًا من الحديث، فقلت: أحسب كتبك قد جاءت. قال: أجل، فقلت لأبي داود: إن جليسنا جاءته كتبه من الكوفة، اذهب بنا ننظر فيها، فأتيناه، فنظرت في كتبه أنا وأبو داود٢.

٢٩٠- وعلى العكس من ذلك نرى أن عدم الكتاب عندهم قد يؤدي بالراوي إلى اضطراب روايته، يقول الإمام أحمد في عكرمة بن عمار: "أحاديثه عن يحيى ضعاف، ليست بصحاح، وكذلك قال يحيى بن سعيد القطان، والسبب كما يقول البخاري: إنه لم يكن له كتاب، فاضطرب حديثه عن يحيى"٣.

٢٩١- وعلى الرغم من ذلك نرى أن الإمام مالكًا يتشدد في هذه المسألة ويرى أنه لا بد من الحفظ مع الكتاب، ويعلل ذلك بخوفه من أن يزاد في هذه الكتب من وراء ظهره فلا يدرك هذه الزيادة من وضع أو تحريف؛ لأنه لا يحفظ، فقد سئل أيؤخذ ممن لا يحفظ، ويأتي بكتب فيقول: قد سمعتها، وهو ثقة؟ قال: "لا يؤخذ عنه، أخاف أن يزاد في كتبه بالليل"٤ وكان أبو حنيفة يذهب إلى هذا أيضًا، فقد سئل يحيى بن معين عن الرجل


١ الجرح والتعديل مج ١/ ٢٧.
٢ ميزان الاعتدال ١/ ٣٩٥.
٣ ميزان الاعتدال ٣/ ٩٠ - ٩٢ تقدمة المعرفة ص ٢٣٦.
٤ الجرح والتعديل ١/ ٢٧.

<<  <   >  >>