للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول أحد تلاميذ الأوزاعي: لقيت الأوزاعي ومعي كتاب، كنت كتبته من أحاديثه، فقلت: يا أبا عمرو، هذا كتاب كتبته من أحاديثك قال: هاته، وأخذه، وانصرف إلى منزله وانصرفت أنا، فلما كان بعد أيام لقيني به. فقال: هذا كتابك، قد عرضته وصححته، قلت: يا أبا عمرو، فأورى عنك، قال: نعم، فقلت: اذهب، فأقول: أخبرني الأوزاعي؟ قال: نعم١.

وسمى ابن الصلاح هذه الصورة عرض المناولة قياسًا على عرض القراءة٢.

ونلاحظ أنه مع المناولة تكون إجازة بالرواية، ولهذا فقد كان من الممكن أن تكون نوعًا من أنواعها، ولكننا آثرنا -كما فعل القاضي عياض- أن نجعلها ضربًا مستقلًّا؛ لأنها تتضمن إجازة وزيادة.

٣٩٦- وفي كل هذه الصور الثلاث روعي ما يضمن للحديث أن ينتقل من الشيخ إلى التلميذ نقلًا صحيحًا لا تغيير فيه ولا تبديل، ففي الصورة الأولى يعطي الشيخ التلميذ نسخة قد وثق منها؛ لأنها كتابه الذي يحفظه عنده أو نسخة منه قد وقف عليها وصحح ما قد يقع فيها من أخطاء أثناء النقل.

وفي الصورة الثانية لا يعتمد على نقل التلميذ، وإنما يأمره بالمقابلة ثم يأخذ ما نقله ليستوثق من صحة النقل والمقابلة.

وفي الصورة الثالثة يتأكد من صحة ما يقوله التلميذ من أنها من حديثة ومن روايته، فيقف عليها، ويعرفها، ويحققها قبل أن يجيزها له٣، ففي جميعها -كما ترى تحقق من الشيخ بما في الكتاب الذي يناوله، وهذا ما شرطه


١ الكفاية هـ ص ٣٢٢. وقد فعل مالك وأحمد بن حنبل مثل هذا "انظر ص ٣٢٧ عن الكفاية هـ".
٢ مقدمة ابن الصلاح بشرح التقييد والإيضاح ص ١٩١.
٣ وإذا كان قد روي عن الزهري أنه أتى إليه أحد التلاميذ بكتاب ما قرأه ولا قرئ عليه، فيجيز له أن يرويه عنه، فإن هذا يحمل -كما يقول ابن عبد البر- على أنه كان يعرف الكتاب بعينه، ويعرف ثقة صاحبه، ويعرف أنه من حديثه "جامع بيان العلم ٢/ ٢١٨ - الكفاية ص ٣٢٩".

<<  <   >  >>