للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وظاهر هذا القول يدل على أنه كان لا يعتد بالإجازة لخروجها عن حيز السماع١. وهذا أيضًا هو رأي الإمام أحمد بن حنبل: فقد روى أبو حاتم الرازي عنه: أنه سأل بشر بن شعيب: هل سمعت من أبيك شيئًا، أو قرأت عليه، أو قرئ عليه، وأنت حاضر؟ ولما نفى ذلك وبين أخذ الأحاديث منه إجازة كتب عنه على معنى الاعتبار فقط، ولم يحدث عنه٢. وروى الربيع بن سليمان عن الشافعي كراهتها٣.

٤٢٤- وحجة هؤلاء في عدم إجازتها أن ظاهرها إباحة التحدث والإخبار عن الشيخ من غير أن يحدثه أو يخبره، وهذا إباحة للكذب، وليس للشيخ ولا لغيره أن يستبيح الكذب إذا أبيح٤.

٤٢٥- وإذا كان القاضي عياض قد حكى الاتفاق على جواز هذا الضرب فغالى -فإن ابن حزم قد غالى من ناحية أخرى فقال -بعد أن حكم ببطلان الإجازة وأنها إباحة للكذب: إنها ما جاءت قط عن النبي، صلى الله عليه وسلم، ولا عن أصحابه، رضي الله عنهم ولا عن أحد من التابعين أو تابعي تابعيهم٥.

٤٢٦- وإذا كنا لا نعاوض بأنها لم ترد عن الرسول، صلى الله عليه وسلم ولا عن صحابته -على مدى علمنا- فإنا لا نسلم له بأن الإجازة لم ترد عن التابعين وتابعيهم، فقد روي عن الحسن البصري وابن شهاب أنهما من المجيزين لها٦، وعن عبيد الله بن عمر قال: أشهد على ابن شهاب لقد كان يؤتى بالكتب من كتبه، فيقال له: يا أبا بكر، هذه كتبك؟ فيقول: نعم، فيجتزي بذلك٧، وأتى ابن جريح الزهري بكتب يريد


١ الكفاية "هـ" ص ٣١٥ - ٣١٦.
٢ الجرح والتعديل مج أق ١٣٦٨.
٣ معرفة السنن والآثار ص ٨٧ جـ١.
٤ كشف الأسرار ٣/ ٧٦٣.
٥ الإحكام ٢/ ٢٥٦، ٢٥٧.
٦ وانظر الكفاية "هـ" ص٣١٣ - ٣١٤.
٧ المحدث الفاصل "المطبوع" ص ٤٣٥.

<<  <   >  >>