للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤٢٩- كما اشترط مالك، رحمه الله شرطين آخرين، وهما أن يكون الفرع المجاز من الكتب معارضًا بأصل الشيخ، حتى كأنه هو، وأن يكون المجيز عالمًا بالأحاديث التي يجيزها، وهو ثقة في دينه وروايته ومعروفًا بالعلم أيضًا١ والشرط الأول طبيعي حتى يعوض بالإجازة ما فقد بالسماع أو القراءة على الشيخ ففي كل منهما يصحح الشيخ للتلميذ نسخته، وما قد يقع فيها من أخطاء. ورأى مالك الشرط الثاني حتى لا تروج أحاديث غير العلماء الثقات وحتى لا يجيز للرجال ما ليس من حديثه. وينسب إليه زورًا وبهتانًا.

٤٣٠- أما أبو حنيفة فهو يجيزها لكنه اشترط لها هو ومحمد أن يكون المجاز له عارفًا بالأحاديث التي يجيزيها له الشيخ، حتى يمكنه أن يكتشف خطأ قد يقع فيها أو تزويرًا يحدث بها٢. وربما كان هذا الشرط هو الذي ضيق من إباحة الإجازة عنده حتى ظن البعض أنه لا يجيزها مطلقًا.

٤٣١- والإمام الشافعي يرى صحة الإجازة، فقد أجاز كتبه لحسين بن على الكرابيسي، وقال له: خذ كتب الزعفراني، فانسخها، فقد أجزتها لك، فأخذها إجازة٣.

٤٣٢- والرواية التي فهم منها أن الشافعي يقبل الإجازة لا تدل على ذلك، فهي تقول: إن الربيع بن سليمان المرادي قال: اتني من البيوع من كتاب الشافعي ثلاث ورقات، فقلت: أجزها لي، فقال: ما قرئ علي كما قرئ على، ورددها غير مرة، حتى أذن الله في جلوسه، فجلس، فقرئ عليه٤.

٤٣٣- لا تدل هذه الرواية على عدم قبول الإجازة مطلقًا، وإنما تدل على أن الشافعي لا يراها مثل القراءة على الشيخ، وهو قد أحب للربيع


١ الكفاية هـ ص ٣١٧.
٢ كشف الأسرار ٣/ ٧٦٤.
٣ المحدث الفاصل "المطبوع" ص ٤٤٨.
٤ الكفاية هـ ص ٣١٧، ومعنى عبارة الشافعي "ما قرئ على كما قرئ على" أنه لا تعدل الإجازة التي طلبها الربيع القراءة عليه بل هي أقل منها.

<<  <   >  >>