للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا التأول معه؛ لأنه المنزل عليه الكتاب المبين عن الله معناه١؟ ...

٥٩٢- فالإمام الشافعي هنا يقول: إنه قد يبدو لنا تعارض بين الحديث وبعض الآيات القرآنية، مما يجعل البعض يترك حديث رسول الله، صلى الله عليه وسلم ويستعمل القياس فيما يثبت خلاف السنة، ولكن لا تعارض في الحقيقة؛ لأنه ما دام الحديث قد نقله الصادقون فإننا نتأكد أنه صدر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لحكمة يعلمها الله ورسوله إن خفيت علينا وعلينا العمل به، تنفيذًا لأمر الله عز وجل بطاعة رسوله، صلى الله عليه وسلم، ويكون الحديث حينئذ مخصصًا لهذه الآيات، حتى لو فهمناها كما فهمها من قال بالتعارض بينهما وبين الحديث.

ويوضح الإمام الشافعي هذا مرة أخرى، فيقول: "فوجب على كل عالم ألا يشك أن سنة رسول الله، صلى الله عليه وسلم إذا قامت هذا المقام مع كتاب الله عز وجل في أن الله أحكم فرضه بكتابه، وبين كيفما فرض على لسان نبيه، صلى الله عليه وسلم، وأبان على لسان نبيه، صلى الله عليه وسلم ما أراد به العام والخاص -كانت كذلك سنته في كل موضع لا تختلف. وأن قول من قال: تعرض السنة على القرآن، فإن وافقت ظاهره، وإلا استعلمنا ظاهر القرآن، وتركنا الحديث- جهل، لما وصفت.. فأبان الله لنا أن سنن رسوله فرض علينا بأن ننتهي إليها، لا أن لنا معها من الأمر شيئًا إلا التسليم لها واتباعها، ولا أنها تعرض على قياس ولا على شيء غيرها وأن كل ما سواها من قول الآدميين تبع لها"٢.

٥٩٣- فهو هنا يؤكد أنه من الجهل عرض السنة على القرآن لتثبيتها أو ردها، وأنه يجب ألا نأخذ بهذا المقياس من أجل ذلك، كما ينبغي ألا تعرض على القياس أو شيء آخر.

٥٩٤- وفي الفصول التالية سنمضي -إن شاء الله عز وجل- مع الفقهاء الذين أخذوا بهذه المقاييس والذين ردوها مقارنين بين هؤلاء


١ اختلاف الحديث ص٣١، ٣٢.
٢ اختلاف الحديث ص٤٤، ٤٥.

<<  <   >  >>