للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

علم بذلك، وأن عائشة، وأم سلمة، زوجتي الرسول؛ أخبرتاه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يدركه الفجر وهو جنب من أهله، ثم يغتسل ويصوم -رجع عن قوله وفتياه.

ويقول الإمام ابن حجر، في شرح حديث عائشة وأم سلمة، رضي الله عنهما: "وذكر ابن خزيمة أن بعض العلماء توهم أن أبا هريرة غلط في هذا الحديث، ثم رد عليه بأنه لم يغلط، بل أحاله على رواية صادق "الذي روى عنه أبو هريرة هذا الحديث" إلا أن الخبر منسوخ ... فحديث عائشة، رضي الله عنها، ناسخ لحديث الفضل ولا أبا هريرة الناسخ، فاستمر أبو هريرة على الفتيا به، ثم رجع عنه بعد ذلك لما بلغه١".

ومن التوقف في قبول الحديث حتى يتأكد الصحابي من أنه صدر عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ما حدث به أبو موسى الأشعري، رضي الله عنه، عمر بن الخطاب، في رجوع الزائر عند ما لا يؤذن له ثلاث مرات، فقد توقف عمر، رضي الله عنه، في قبول الحديث، ولكنه قبله عندما أحضر له أبو موسى الأشعري البينة، ولم يكتف بقبوله، بل قال كأنه يعتذر: "ألهاني الصفق بالأسواق٢"، يعني الخروج إلى التجارة.

وحدث أبو هريرة، رضي الله عنه، بحديث. "من تبع جنازة فله قيراط"، فتوقف فيه ابن عمر، حتى سأل عائشة التي صدقت أبا هريرة، وعندئذ قبل الحديث. وندم على أنه لم يعمل به، وقال: "لقد فرطنا في قراريط كثيرة".

إذن فما شأن عبارات بعضهم التي ورد فيها لفظ "الكذب" منسوبًا إلى بعضهم الآخر؟


١ فتح الباري: ابن حجر العسقلاني. المكتبة السلفية بالقاهرة ٤/ ١٤٧.
٢ الحديث في صحيح البخاري ٣/ ٧٢، ١/ ٦٧.
٣ صحيح مسلم بشرح النووي ٢/ ٦١١.

<<  <   >  >>