للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ظهريهما ورشهما، فقد رجح أحاديث غسل القدمين على الأخرى، لأن مع الأولى ظاهر القرآن الكريم. هذا على الرغم من أن في أحاديث المسح أو الرش من هو حسن الإسناد، ويثبت لو كان منفردًا كما يقول الإمام الشافعي، يقول معقبًا على هذه الأحاديث: "فإن قال قائل: فما جعل هذه الأحاديث -يعني: أحاديث الغسل- أولى من حديثي مسح القدمين ورشهما؟ قيل: أما أحد الحديثين -يعني في المسح أو الرش، فليس مما يثبت أهل العلم بالحديث لو انفرد، وأما الحديث الآخر فحسن الإسناد، ولو كان منفردًا ثبت، والذي يخالفه -يعني حديث الغسل- أكثر وأثبت منه، إذا كان هكذا كان أولى، ومع الذي خالفه ظاهر القرآن كما وصفت، وهو قول الأكثر من العامة"١. وهو يعني بظاهر القرآن في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} ٢، بنصب أرجلكم على معنى: فاغسلوا وجوهكم وأيديكم وأرجلكم.

٦٦٩- وقد أيد الإمام الشافعي الأحاديث التي نسخت نكاح المتعة بدلائل القرآن الكريم، فقد روى بسنده أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال لابن عباس رضي الله عنهما: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن نكاح المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية". كما روى بسنده عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس معنا نساء، فأردنا أن نختصتى، فنهانا عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم رخص لنا أن ننكح المرأة إلى أجل بالشيء". قال الإمام الشافعي: فإن لم يكن في حديث علي بيان أنه ناسخ لحديث ابن مسعود وغيره مما روي في إحلال المتعة فإنه يسقط تحليلها بدلائل القرآن والسنة والقياس.

٦٧٠- ثم رد على الذين يقولون بأن نكاح المتعة حلال ولم يحرم مبينًا ما أشار إليه من أن دلائل القرآن تدل على تحريمه، وتؤكد حديث علي رضي الله عنه. قال الله جل ثناؤه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ


١ اختلاف الحديث جـ٧ من الأم ص ٢٠٣ - ٢٠٧.
٢ المائدة: ٦.

<<  <   >  >>