للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} الآية الكريمة، فأحلهن بعد التحريم بالنكاح، ولم يحرمهن إلا بالطلاق. وقال عز ذكره في الطلاق: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} ١. وقال سبحانه وتعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا} ٢ الآية الكريمة. فجعل إلى الأزواج فرقة ما انعقد عليه النكاح، فكان بينا -والله أعلم- أن يكون نكاح متعة المتعة منسوخًا بالقرآن والسنة في النهي عنه لما وصفت؛ لأن نكاح المتعة: أن ينكح امرأة مدة، ثم ينفسخ نكاحها بلا إحداث طلاق منه، وفيه إبطال ما وصفت مما جعل الله إلى الأزواج من الإمساك والطلاق. وإبطال المواريث بين الزوجين، وأحكام النكاح التي حكم الله بها في الظهار والإيلاء واللعان -إذا انقضت المدة قبل إحداث الطلاق٣.

٦٧١- من كل هذا ندرك -أن الأحناف قد عنوا من خلال عرض السنة على القرآن بمتن الحديث وتوثيقه من حيث التأمل فيما يشتمل عليه من معنى.

هذا فوق عنايتهم به عن طريق توثيق الرواة الذين نقلوه -كما عرفت في القسم السابق.. كما أدركنا يقينًا كذلك أن خصومهم لم يقفوا مكتوفي الأيدي في هذا السبيل، فهم قد دفعوا هذا المقياس من خلال تفحصهم في متون ما رفضه الأحناف؛ ليثبتوا أن هذه المتون -وقد صح سندها في رأيهم جدير معناها بالقبول، وأنها لا تتعارض مع كتاب الله عز وجل.. وكما قلت: فقد قدموا عناية بفحص المتون لا تقل عن عناية خصومهم..

وننتقل -بعون من الله عز وجل وفضل منه- إلى مقياس آخر من مقاييسهم ومناقشة مخالفيهم لهم فيه، لنقدم صورة أخرى من نقد المتون والعناية بتوثيقها من داخلها.


١ البقرة: ٢٢٩.
٢ النساء: ٢٠.
٣ اختلاف الحديث ص ٢٥٤٦ - ٢٥٧ ومن أمثلة هذا أيضًا انظر باب طلاق الحائض ص ٣١٦ - ٣١٨ وباب المرور بين يدي المصلي ص ١٦٢ - ١٦٥ وباب التيمم ص ٩٧.

<<  <   >  >>