للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولهذا يقول ابن القيم: الكذب نوعان: كذب عمد، وكذب خطأ، فكذب العمد معروف، وكذب الخطأ ككذب أبي السنابل بن بعكك في فتواه المتوفى عنها، إذا وضعت حملها. ومنه قوله، صلى الله عليه وسلم: "كذب من قالها"، لمن قال: حبط عمل عامر حيث قتل نفسه خطأ. ومنه قول عبادة بن الصامت: كذب أبو محمد، حيث قال: الوتر واجب، فهذا كله من كذب الخطأ، ومعناه: أخطأ قاتل كذا١.

وقبل ابن القيم يقول ابن تيمية شيخه: "إن الكذب كانوا يطلقونه بإزاء الخطأ كقول عبادة: كذب أبو محمد، لما قال الوتر واجب، وكقول ابن عباس: كذب نوف لما قال: صاحب الخضر ليس موسى بني إسرائيل.

٤٥- وقولهم أيضًا: "زعم" لآخر من الصحابة كانت تعني الإخبار فقط، كقول جابر، رضي الله عنه: "زعم أبو سعيد الخدري قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم"، وسرد حديثًا٣، "وأبو سعيد من أفاضل الصحابة، وجابر أرفع حالًا من أن يشك بصدق أبي سعيد، لكنها اصطلاحاتهم٤".

ومنه قول زينب امرأة ابن مسعود رضي الله عنهما للنبي، صلى الله عليه وسلم "زعم ابن مسعود أنه وولده أحق من تصدقت به عليهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "صدق ابن مسعود زوجك وولدك أحق" ٥، وقول الزهري: زعم محمود بن الربيع الأنصاري أنه سمع عتبان بن مالك٦. وأنشد ابن الأعرابي:

وإني أذين لكم أنه ... سينجزكم ربكم ما زعم٧


١ مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين: أبو عبد الله محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية، طبعة المنار بمصر ١٣٣١هـ جـ١/ ٢٠٤.
٢ مجموع فتاوى ابن تيمية، جمع وترتيب عبد الرحمن بن محمد بن القاسم النجدي الطبعة الأولى ١٣٨٦ السعودية جـ ٣٢/ ٢٦٦.
٣ صحيح مسلم ٧/ ١٨٤.
٤ دفاع عن أبي هريرة: عبد المنعم صالح العلي. الطبعة الأولى ١٣٩٣هـ - ١٩٧٣م مكتبة النهضة ببغداد ودار الشرق ببيروت.
٥ صحيح البخاري ٢/ ١٤٩.
٦ المصدر السابق ٢/ ٧٤.
٧ اللسان مادة "ز ع م" جـ١٥. دار صادر.

<<  <   >  >>