وما العيش إلا نومة وتشرق ... وتمر على رأس النخيل وماء
فعبر بالتمر عن الرطب مما يدل على أن اسم التمر لا يختص بالجاف من ثمرة النخيل.. وإذا ثبت أنه تمر، وقد شرط العقد، وهوالمماثلة في المقدار حالة العقد جاز البيع عملًا بالحديث المشهور وتركًا لحديث الآحاد الذي يخالفه، ولا ينظر إلى المماثلة في أعدل الأحوال أي: عندما يصير الرطب جافًّا فينقص مقداره، لسببين:
السبب الأول:
٦٧٨- أن شرط العقد يعتبر عند نفاذه، فيجب أن تعتبر المساواة في البدلين اللذين ورد عليهما العقد، وهما الرطب والتمر، فأما اعتبار حالة مفقودة يتوقع حدوثها فلا، فاعتبار الأعدل هنا كاعتبار الأجود، والأخير أسقطه الشرع، فلا ينظر إلى التفاوت في الجودة لقوله عليه الصلاة والسلام:"جيدها ورديئها سواء" ١.
السبب الثاني:
٦٧٩- أن التفاوت الذي لا يكون حادثًا بصنع العباد مثل هذا التفاوت الذي يحدث بين الرطب والتمر بعد ما يصير الأول جافًّا -لا يكون معتبرًا ولا يفسد العقد؛ أما التفاوت الذي ينبني على صنع العباد كالحنطة والدقيق، والمقلي وغير المقلي، فإنه مفسد للعقد، ولهذا لا يجوز التفاوت بين النقد والنسيئة؛ لأنه حادث بصنع العباد وهو اشتراط الأجل.
٦٨٠- والحديث المشهور هنا يوجب أحكام ثلاثة:
أحدها: وجوب المماثلة شرطًا للجواز، فيجوز البيع حال وجود المماثلة بهذا النص.
١ قال الزيلعي: غريب، ومعناه يؤخذ من إطلاق حديث أبي سعيد "الخدري" المتقدم "نصب الراية جـ٤ وهو يشير إلى حديث: "الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح مثلًا بمثل يدًا بيد" وقد أخرجه مسلم في البيوع في باب الربا.