للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانيها: أنه يدل على تحريم فضل قائم فعلًا؛ لأن المراد منه الفضل على الذات.

ثالثها: أن الفضل المحرم هو الفضل الذي تنعدم به المماثلة في المقدار.

٦٨١- وخبر الواحد يخالفه في هذه الأحكام الثلاثة؛ لأنه أوجب حرمة البيع حال وجود المماثلة في المقدار، وأوجب حرمة فضل ليس قائمًا فعلًا، وإنما يوجد بعد جفاف الرطب، وليس موجودًا حال العقد، بل هو موهوم غير قائم -فإذا خالف خبر الآحاد الخبر المشهور في هذه الأحكام لم يقبل١.

٦٨٢- وقد حاول أبو حنيفة رحمه الله تعالى أن يؤيد ما ذهب إليه بتضعيف حديث الآحاد من جهة روايته، فيروى أنه لما دخل بغداد سألوه عن هذه المسألة، وكانوا أشداء عليه؛ لمخالفته خبر سعد المتقدم، فقال: الرطب لا يخلو: إما أن يكون تمرًا أو غير تمر، فإن كان تمرًا جاز العقد؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: "التمر بالتمر مثلًا بمثل"، وإن كان غير تمر جاز أيضًا؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: "إذا اختلف النوعان فبيعوا كيف شئتم"، فروى له حديث سعد، كدليل عليه، فقال: هذاالحديث دار على زيد أبي عياش، وهو ممن لا يقبل حديثه"٢.

٦٨٣- ويقول صاحب كشف الأسرار: واستحسن أهل الحديث منه هذا الطعن، حتى قال ابن المبارك: "كيف يقال: أبو حنيفة لا يعرف الحديث، وهو يقول: زيد أبو عياش ممن لا يقبل حديثه٣؟. لكنه يلزم على قول أبي حنيفة هذا أن الحنطة المقلية التي هي مثل الرطب إن كانت حنطة يجوز بيعها بغير المقلية كيلًا بكيل، لقوله عليه الصلاة والسلام: "الحنطة


١ كشف الأسرار ٣/ ٧٣٥.
٢ الاختيار لتعليل المختار: عبد الله بن محمود بن مودود بن محمود أبو الفضل مجد الدين الموصلي "٦٨٣ هـ" تحقيق محيي الدين عبد الحميد -مكتبة الجامعة الأزهرية- القاهرة الطبعة الثانية ١٣٧٢هـ - ١٩٥٢/ ٧٣٥ - ٧٣٦.
٣ كشف الأسرار ٣/ ٧٣٥ - ٧٣٦.

<<  <   >  >>