للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذكروا أنه سمع من سعد بن أبي وقاص، وما علمت أحدًا ضعفه. وقال ابن الجوزي: قال أبو حنيفة: زيد أبوعياش مجهول، فإن كان هو لم يعرفه، فقد عرفه أئمة النقل.

٦٩١- لكنني لا اعتقد أن أبا حنيفة ضعفه لجهالته، فهو يقبل حديث المجهول في الفروق الثلاثة الأولى كما سبق أن ذكرنا.

الحديث صحيح إذن، ولا يجوز في نظر الشافعي أن يترك، وتاركه لأي سبب كان -بعد هذا- مخالف لأمر الله تعالى بطاعة رسول الله في كتابه الكريم.

٦٩٢- وترك الإمام الشافعي السند قليلًا ليبين علة نهي النبي، صلى الله عليه وسلم، عن بيع الرطب بالتمر، وهي أن الرطب ينقص إذا يبس، فيصير الأمر أن يباع تمر بتمر أقل منه، كما يباع تمر بآخر لا يدرى كم مكيله؛ لأن مقداره الذي علمناه وهو رطب سينقص بعد ما يجف، وهذا لا يجوز لأنه يكون ربًا. يقول الإمام الشافعي مبينًا هذا: "وأصل نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الرطب بالتمر؛ لأن الرطب ينقص إذا يبس في معنى المزابنة إذا كان ينقص إذا يبس، فهو تمر بتمر أقل منه، وهو لا يصلح بأقل منه، وتمر بتمر لا يدرى كم مكيله، أحدهما من الآخر.. الرطب إذا يبس فصار تمرًا لم يعلم كم قدره من قدر التمر ... وهكذا قلنا: لا يصلح كل رطب بيابس في حال من الطعام إذا كا ن من صنف واحد"١.

٦٩٣- وهكذا وجدنا عناية من الشافعي بتوثيق متن الحديث ببيان أنه يتمشى مع الأصول الشرعية الأخرى.

٦٩٤- وإذا كان الشافعي لا يجيز بيع الرطب بالتمر عملًا بخبر الواحد، فإنه يجيز ذلك في حالة واحدة وهي حالة "العرية"، وهي كما عرفها الإمام الشافعي أن يشتري الرجل ثمر النخلة وأكثر بخرصة من التمر، يخرص الرطب رطبًا، ثم يقدر كم ينقص إذا يبس، ثم يشتري بخرصه تمرًا، ويقبض التمر قبل أن يتفرق البائع والمشتري٢.


١ اختلاف الحديث ص٣٢٠.
٢ المصدر السابق ص٣٢١، وانظر تعريفًا آخر لها في الموطأ ص٣٨٧ "طبعة الشعب".
٣ المصدر السابق ص٣١٩ وانظر الرسالة ص٣٣٣.

<<  <   >  >>