للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٦٩٥- والشافعي رضي الله عنه، يجيز العرايا اتباعًا للسنة أيضًا، فقد روي عن سفيان، عن يحيى بن سعيد، عن بشير بن يسار، عن سهل بن حثمة: "أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم أرخص لصاحب العرية أن يبيعها بكيلها تمرًا، يأكلها أهلها رطبًا".. وروي حديثًا آخر في ذلك فقال: أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سالم بن عبد الله، عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "نهى عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه، وعن بيع الثمر بالثمر". قال عبد الله بن عمر: وحدثنا زيد بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرخص في بيع العرايا"١.

٦٩٦- وأحاديث العرايا هذه صحيحة، ومن هنا أخذ الشافعي بها في جواز بيع العرايا، ويكون نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الرطب بالتمر والمزابنة من الجمل التي مخرجها عام، ويراد بها الخاص؛ أي: النهى عام ما عدا العرايا التي خصصته، فهي لا تدخل في نهيه، صلى الله عليه وسلم؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لا ينهى عن أمر يأمر به إلا أن يكون منسوخًا، ولا نعلم في ذلك نسخًا٢.

٦٩٧- وكانت إجازة الرسول صلى الله عليه وسلم هذا النوع من البيع تلبية لحاجة الناس حينئذ؛ فقد شكى بعضهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الرطب يحضر، ويحل موعده، وليس عندهم ذهب ولا ورق يشترون به، وعندهم فضل تمر من قوت سنتهم، فأرخص لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن يشتروا العرايا بخرصها من التمر يأكلونها رطبًا٣.

٦٩٨- وإذا كان الشافعي في بيان تحريم بيع الرطب بالتمر بالسنة يرد على الأحناف ويتهمهم بأنهم يظهرون القول في بعض الأحاديث من الشبه، وخاصة في المجمل والمفسر منها، ويشبهون على قوم من أهل الحديث ليس لهم بصر بمذاهبه -فإنه في بيان تحليل بيع العرايا يتهم قومًا بعدم جواز


١ اختلاف الحديث ص٣١٩- وانظر الرسالة ص ٣٣٣.
٢ المصدر السابق ص ٣٢١.
٣ المصدر السابق ص٣٢٧.

<<  <   >  >>