للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصلاة قبل أن يتبين الفجر، فأمرهم أن يسفروا حتى يتبين الفجر الآخر. فلا يكون معنى حديث رافع أن يؤخر الفجر عن وقته الأول، ولا يكون مخالفًا للحديث الأول، ويكون كلاهما على هذا النحو -ثابتًا"١.

٧٢٠- ومما يدل على ذلك ويؤكده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "هما فجران، فأما الذي كأنه ذنب السرحان فلا يحل شيئًا ولا يحرمه، فأما الفجر المعترض فيحل الصلاة ويحرم الطعام". يعني من أراد الصيام٢.

٧٢١- وقد أيدت السنة سنة أخرى عند الشافعي حتى لا يقال: إنه ذهب إلى رأي مخالف للسنة، فقد ذهب الشافعي إلى أنه لا يجب الغسل إلا من الجنابة، وأخذ هذا الحكم من قول الله تعالى: {وَلا جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} ٣ وقال: إن الوجوب لا يتعدى الغسل من الجنابة إلى شيء آخر إلا أن تدل السنة على غسل واجب، فنوجبه بالسنة بطاعة الله في الأخذ بها.

٧٢٢- والشافعي لم يعلم دليلًا من السنة على وجوب الغسل من غير الجنابة.

٧٢٣- ولكن ماذا يفعل فيما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم مما ظاهره الوجوب كغسل يوم الجمعة، وفيه الأحاديث الصحيحة؟ ومنها ما رواه عن سفيان، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من جاء منكم إلى الجمعة فليغتسل" وهذا أمر ظاهره الوجوب، وما رواه أيضًا عن مالك عن صفوان بن مسلم عن عطاء بن يسار عن ابي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "غسل الجمعة واجب على كل محتلم" وهذا أكثر صراحة من الأول في الوجوب.

٧٢٤- هل ترك الشافعي هذه السنة الصحيحة حينما قال: إن غسل يوم الجمعة غير واجب؟! وكيف يتركها وهو المدافع عن كل ما ثبت عن


١ اختلاف الحديث ص٢١٠.
٢ الرسالة ص٢٩١.
٣ سورة النساء: ٤٣.

<<  <   >  >>