للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما يكون منه الوضوء. فقال مروان: أخبرتني بسرة بنت صفوان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من مس ذكره فليتوضأ" ورواه ابن ماجه من حديث هشام بن عروة عن أبيه عن مروان عن بسرة.

ورواه الترمذي عن هشام بن عروة عن أبيه عن بسرة"١.

٧٣٣- قال الأحناف: إن هذا الحديث شاذ لانفرادها بروايته مع عموم الحاجة إلى معرفته، فدل ذلك على زيافته؛ إذ القول بأن النبي صلى الله عليه وسلم خص بسرة بالتعليم في هذا الحكم، مع أنها لا تحتاج إليه، ولم يعلم سائر الصحابة مع شدة الحاجة إليه شبه المحال٢.

٧٣٤- وفي الحق أنه قد روي هذا الحديث عن صحابة آخرين غير بسرة كأبي هريرة وجابر وسالم وزيد بن خالد، وعائشة وأم حبيبة وغيرهم، إلا أن الروايات عنهم مضطربة الأسانيد، غير صحيحة لضعف رجالها، ولمعارضتها أيضًا بروايات أخرى صحيحة تخالفها، فلا ينتفي الشذوذ منها٣..

ولو كان مما ينتقض بمس الذكر الوضوء لأشاعه النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يقتصر على مخاطبة الآحاد، بل يلقيه إلى عدد يحصل به التواتر أو الشهرة مبالغة في إشاعته لئلا يفضي إلى بطلان صلاة كثيرة من الأمة من غير شعور به، ولهذا تواتر نقل القرآن، واشتهرت أخبار البيع والنكاح والطلاق وغيرها، فلما لم يشتهر هذا الحديث "علمنا أنه سهو أو منسوخ"٤.

٧٣٥- لقد اشتهر هذا الحديث بين المتأخرين عندما قبلوه وفي هذا دليل أيضًا على عدم ثبوته؛ إذ لو كان ثابتًا في المتقدمين لاشتهر أيضًا ولما تفرد الواحد بنقله مع حاجة العامة إلى معرفته.


١ سنن أبي داود حـ١ ص١٢٥ - ١٢٦، سنن النسائي حـ١ ص ١٠٠ - ١٠١، جامع الترمذي حـ١ ص٢٧٠ بشرح تحفة الأحوذي، سنن ابن ماجه حـ١ ص١٦١.
٢ أصول السرخسي حـ١ ص٣٦٨.
٣ كشف الأسرار حـ٣ ص٧٣٨.
٤ المصدر السابق حـ٣ ص ٧٣٧.

<<  <   >  >>