للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن أجل هذا السبب لم تقبل شهادة الواحد من أهل المصر على رؤية الهلال إذا لم تكن بالسماء علة، ولم يقبل قول الوصي فيما يدعي من إنفاق مال عظيم على اليتيم في مدة يسيرة، وإن كان ذلك محتملًا؛ لأن الظاهر يكذبه في ذلك، ولم يقبل قول الرافضة وادعاؤهم النص على إمامة علي رضي الله عنه؛ لأن أمر الإمامة مما تعم به البلوى؛ لحاجة الجميع إليه، فلو كان النص ثابتًا، لنقل نقلًا مستفيضًا، وحيث لم يكن كذلك دل على أنه غير ثابت.

٧٣٦- وإن الأخبار التي ينقلها الواحد مع أن العادة والمعقول اشتهارها بين الناس لا تقبل كمثل انفراد واحد بنقل قتل ملك في السوق، إن مثل هذا الخبر لا يقبل بطبيعة الحال، لأنه يبعد عادة ألا يستفيض مثله.

٧٣٧- ومن الأحاديث التي شذت كذلك مع اشتهار الحادثة "حديث الجهر بالتسمية، وهو ما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي، صلى الله عليه وسلم كان يجهر بـ"بسم الله الرحمن الرحيم" وروى أبو قلابة عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر رضي الله عنهما كانوا يجهرون بـ"بسم الله الرحمن الرحيم". ولما شذ مع اشتهار الحادثة ومع أنه معارض بأحاديث أقوى منه في الصحة دالة على خلافه لم يعمل به١.

٧٣٨- وردوا أيضًا -تطبيقًا لهذا القياس- خبر الوضوء مما مسته النار. وخبر الوضوء من حمل الجنازة، وخبر رفع اليدين عند الركوع وعند رفع الرأس منه؛ لأنه لم يشتهر النقل فيها مع حاجة الخاص والعام إلى معرفتها٢.

٧٣٩- ويقول الأحناف: إنه قد يعترض بعض الناس على قبولنا وجوب الوتر، ووجوب المضممة والاستنشاق في الجنابة، مع أن هذا وذاك من خبر الواحد مما تعم به البلوى ... ويردون على ذلك بأن فعل


١ كشف الأسرار حـ٣ ص٧٣٧.
٢ أصول السرخسي حـ١ ص ٣٦٩.

<<  <   >  >>