للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تكون عند ما يعلم أنه خالف الحديث قولًا أو فعلًا بعد تاريخ روايته، ومن هنا يكون هذا الحديث غير حجة؛ لأن فتواه بخلافه أو عمله من أبين الدلائل على الانقطاع وأنه الأصل للحديث"١ ... إن الحال عندئذ لا تخلو من أن تكون الرواية تقولًا منه لا عن سماع، فيكون واجب الرد، أو تكون فتواه وعمله بخلاف الحديث من باب قلة المبالاة والتهاون بالحديث، فيصير بذلك الراوي فاسقًا لا تقبل روايته أصلًا؛ لاستهانته بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو يكون منه عن غفلة ونسيان، ورواية المغفل لا تكون حجة.

٧٤٧- وهذا إن صح بالسنة لغير الصحابة وكبار الأئمة من التابعين فحاشا أن يكون هؤلاء كذلك، وهم العدول البررة الأطهار، الذين ضربوا السهم الوافر والقدح المعلى في توثيق سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحريرها والالتزام بها قولًا وعملًا.

ومن أجل هذا فإن عمل أحدهم أو قوله بخلاف الحديث، يحمل على غير ما تقدم، وهو أنه علم نسخ حكم الحديث.

٧٤٨- ولكن ... لم يروه عندئذ؟ وقد علم أنه منسوخ الحكم؟ إنه يروي -كما يقول السرخسي-: إبقاء للإسناد، وإبقاء لما صدر فعلًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ... ولا ضير حينئذ من هذه الرواية؛ لأن قوله أو عمله بخلافها يكون دليلًا على النسخ وعدم العمل به ... ولكن هذا لا يزيل توهم النسيان أو الغلط، فهذا يمكن أن يقع لكل إنسان ... وباعتبار هذا التعارض بين الرواية وبين القول أو العمل ينقطع اتصال الحديث ولا يكون حجة تبعًا لهذا٢.

٧٤٩- ومثال ذلك ما روى سليمان بن موسى لعبد الله بن جريح عن ابن شهاب الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي


١ أصول السرخسي حـ٢ ص٦.
٢ المصدر ٧ السابق حـ٢ ص٦٠٥.

<<  <   >  >>